القول الرابع: وقالت المرجئة: الجزء الجسم ولا يتجزأ، وأن اللون والطعم والرائحة والطول والعرض والحرارة واللين والخشونة إبغاضه، وهى أعراض. فإذا جمعها الله صارت جسما، كل جسم فهذا حمكه.
قال المتأمل: قد بينا في متقدم كتابنا هذا من حقيقة الجزء ومعناه وصفة الجسم ومنتها، وكل واحد منهما في بابه مالا يحتاج إلى دكره والرد على ما بينا في هذا.
مسألة: وقع رفع لنا الثقة انه سأل المنازع عن ثوب هو لا بسه الله أعلم كتان أم قطن؟ فقال له: أخبرني عن هذا الثوب جسم هو أم لا؟ قال: فقال، هو جوهر لا يبين لي أنه جسم، أو قال: ليس بجسم طويل بل عريض عميق وهذا طويل عريض لا عمق له فيه، فمن لا يعرف العمق فكيف يجوز له أن ينفيه؟ فليت شعري ما توهم العمق حتى نفاه، ولعله وظن أن العمق فكيف هو الذي تتوهمه العامة طول تجويف ما أو ارتفاع إلى ما أكثر.
مسألة: وفي كتاب: النهار [34] والليل، والماء والنار، والرياح كلها أجسام ميتة قيل: تحركها القدرة، والريح من ابن آدم عرض، والرماد جسم، والسحاب والنجوم والشمس والقمر والسماء والأرض والجبال أجسام وهى مسخرة، والنجاسات أجسام، والهوى جسم.
قيل لأبي الحسن: فما هو؟ قال: لا أدرى. العلم علمان والعقل عقلان وكلاهما عرض والظل وظلام الليل وضوء النهار، والحركات في الإنسان، والشجر والمرض والعقل والقوة والضعف والنوم والخدمة والأعمال كل هذا أعراض، وكل ما كان من أحداث الدهر فهو عرض مثل الموت والأمراض وما يشبه ذلك. وأجمعوا أن الشهوة مخلوق فهي عرض، والله أعلم.
انقضى. ففي هذا ما يدل على خلاف قول من زعم بأن الثوب ليس بجسم أو أن الجسم لا يكون إلا الذي روح، وقد رفع لي ذلك عن بعضهم. فقف على ذلك. وبالله التوفيق.
الباب السابع عشر
باب بيان العلم والعالم وعدد أجزائه والقدرة على قسمه
صفحة ٤٦