مسألة: فأما التأليف فهو العرض الحال في الجواهر ن وأما المؤتلف فهو الجواهر الحال فيها التأليف، وكل واحد منها غير الآخر. ومعنى التأليف ضم شيء إلى شيء، بمعنى الاجتماع المتولد من المجاورة على ما بينا في رتب الأعراض، فليس في التأليف ذهاب الجواهر، بل في ارتفاع التأليف حصول الانقسام وكذلك في ارتفاع الاجتماع حصول الافتراق ومعناهما قريب من معنى الأول: فأبى رأيت كثيرا من ضعفاء المسلمين لا يهتدي للفرق بينهما فقد سمعت بعضهم يقول: أن الله قادر أن يقسم الجوهر حتى لا يبقى منه شيء، يعنى من الجوهر، وهذا ذليل على أنه لا يفرق بينهما، إذ لو اهتدى للفرق بينهما لما توهم أن يقسم الجوهر ذهاب عينه، وإنما كان يجب أن يقول، إن الله قادر على أن يقسم الجوهر حتى لا يبقى فيه تأليف، وأن معنى القسم ذهاب التأليف لا ذهاب المؤتلف، وكذلك الافتراق يقتضي ذهاب الاجتماع لا ذهاب المجتمع، فإذا رفع الله التأليف والاجتماع من الجسم ثبت ضداهما وهو الانقسام والافتراق [24]، لا ما كانا حالين فيه، وسنبين ذلك إن شاء الله.
مسألة: يقال له: أخبرنا عن التأليف هو المؤتلف أو غيره؟ فإن قال: هو المؤتلف، فقد فارق الإجماع ودخل في مذهب هشام وأبي بكر الأصم ن فهو شيوخ المعتزلة على ما وجدت في كتاب ((الضياء)) فإنهما كانا يقولان بنفي الأعراض، يقولان ليس في العالم عرض لأنه لا يعقل الجسم إلا الطويل العريض الشاغل للمكان، ومحال أن يكون ليس بشاغل.
صفحة ٣٣