جوائز الأدب العالمية: مثل من جائزة نوبل

عباس محمود العقاد ت. 1383 هجري
42

جوائز الأدب العالمية: مثل من جائزة نوبل

تصانيف

ويذكر القراء أن محافل إسرائيل لم تخل قط - إلى هذه الأيام - من وفود الشمال، التي تشترك في الاحتفال بأعياد أورشليم وتل أبيب، تسجيلا لحوادث اليهود مع النازيين ... وقد يذكر القراء أيضا أن زعماء إسرائيل يتلقون الدعوة تباعا لقضاء الرحلات في أرجاء الشمال، على مثال لم يتكرر في عامة البلاد الأوروبية التي حاربت النازيين.

ولسنا نميل إلى القول بأن هذه المحاباة لباسترناك كانت عملا من أعمال القصد والتدبير والتفاهم المكشوف بين أعضاء اللجنة المحكمين، ولكننا نخاله أثرا من آثار الجو الشعوري، الذي يخلقه كل نفوذ قديم، لا سيما النفوذ الذي يتغلغل في شعاب المعاملات، خارج البلاد وداخلها ... ولولا هذا «الجو الشعوري» لما بحثت اللجنة عن باسترناك، ولولاه لبحثت عن غيره بمؤهلاته، وما هو أكبر من مؤهلاته، في حيث تشاء الصهيونية العالمية، وحيث لا تشاء.

جائزة الكاتب وجائزة الكتاب

مما اطلع عليه قراء الصحف - في أثناء متابعة هذه المقالات - نبأ يقال فيه: إن إحدى جهات النشر والطباعة تستعد لمشروع كبير، تتوفر فيه على نقل المؤلفات التي استحق بها الأدباء العالميون جوائز نوبل الأدبية منذ سنتها الأولى.

وقد سئلت عن هذا النبأ، وهو - في الحق - نبأ يستدعي بعض الإيضاح والتعليق، أو يستدعي السؤال عن هذه المؤلفات للعلم بأسمائها وموضوعاتها، وتيسير الاختيار منها لمن يرغبون في ترجمتها، ومن ينتظرونها بترتيبها، على حسب تأليفها، أو على حسب مواقيت إجازتها.

ولا نظن أن رواة الخبر في الصحف يعنون أن الناشرين يعتزمون ترجمة الكتب التي ألفها الأدباء العالميون، ممن استحقوا الجوائز الأدبية في جميع سنواتها؛ لأنهم استحقوا الجوائز بما نهضوا به من رسالة أدبية شاملة لجميع ما ألفوه، ولم يحصل في حالة من الحالات أن أديبا عالميا أجيز لكتاب واحد من كتبه، وهو ما لم يحصل في حالة واحدة، على ما نعلم من سجلات اللجنة السويدية، وهي محفوظة بتفصيلاتها في محاضرها، وفي التقارير الوافية التي تذيعها.

فالأساس في إجازة الأدباء أنهم يمنحون الجائزة لجملة ما كتبوه، وتعتبرها مؤسسة نوبل تتويجا لأعمالهم، وتقديرا لرسالتهم في خدمة الفن والأدباء المثالية، وأهمها عند المؤسسة أدب السلام والرجاء: أدب الإيمان بمصير الإنسانية ورعاية حقوقها.

وإذا روجعت أسباب الإجازة من سنواتها الأولى لم نكد نعرف منها اسم كتاب واحد مذكور باسمه دون سائر الكتب التي ظهرت بقلم مؤلفه، إلا إذا كان فيه تخصيص لمزية شائعة في سائر مؤلفاته.

فصاحب الجائزة في السنة الأولى، سولي برودوم الشاعر الفيلسوف الفرنسي، ميزته اللجنة «تقديرا لتفوقه في الأدب، ولا سيما الشعر الذي يتسم بالروح المثالية السامية، والإتقان الفني، والتوفيق النادر بين الضمير والعبقرية.»

واتجهت الجائزة في السنة الثانية إلى الفيلسوف المؤرخ الكبير تيودور مومش؛ «لأنه أعظم المؤرخين الأحياء في زماننا، مع التنويه بعمله في تاريخ رومة.»

صفحة غير معروفة