هنيئا لمن زار خير الورى ... وحط عن النفس أوزارها فإن السعادة مضمونة ... ... لمن حل طيبة أو زارها
... قال العلامة ابن حجر في ((الجوهر المنظم)): نقل المطوعي عن السلف أنهم كانوا قبل إدخال الحجرة في المسجد يقفون في الروضة مستقبلين الرأس الشريف؛ لتعذر استقبال الوجه الكريم، وإذا سن استدبار القبلة في الخطبة لأجل مواجهة السامعين فلأجله أولى. وما أحسن ما قال:
وأي بلاد الله حلت به فما ... أراها وفي عيني حلت غير مكة
وأي مكان ضمه حرم كذا ... أرى كل دار وطنت دار هجرة
... والوقوف أفضل، وإن جثا على ركبتيه ناظرا إلى الأرض، أو إلى أسفل ما يستقبله من جدار القبر الشريف، ويغض طرفه عما هناك من الزينة، وغيرها، ويتمثل ذاته الشريفة بين عينيه، حتى كأنه يراه، مع ملاحظة الأدب والاستغاثة. وما أحسن ما قال:
(يعن) لك الشوق الشديد لناظري ... فأطرق إجلالا كأنك حاضر
... وقال آخر:
وإطراق طرف العين ليس بنافع ... ... إذا كان طرف القلب ليس بمطرق
... مسألة:
... إذا وقف الزائر وضع يمينه على يساره على ما قاله الكرماني، وروى الإرسال، ولكل وجهة.
... وجه أول:
... إن الوضع يستلزم أن يكون الإمساك محاذيا للقلب، ويستفاد منه إنه لا يمسك كذلك إلا النفيس، ومنه ينتقل إلى أنه لا أنفس من القلب، فيمسك عن الخواطر المذمومة، فإن الإمساك الحسي وسيلة إلى الإمساك المعنوي الذي هو روح الصلاح، وسرها المقصود منها.
... ووجه ثان:
... إن الإرسال صورة الانطراح، بل الموت المشار إليه ب: موتوا قبل أن تموتوا، فحقيقة الحركات، والسكنات لله الواحد القهار، وملاحظة ذلك يكون الإرسال أولى، وهو سنة أهل البيت، فتأمله.
... مسألة:
صفحة ٣٤