حتى تظن بأن الوصل ما برحت ... أيامه وكأن الهجر ما كانا ... ومن محاسنها: أنه عليه وآله الصلاة والسلام رأى أنه أصبح على بئر من آبار الجنة، فأصبح على بئر غرس، ورؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حق. ومنها: حديث ((إن العجوة من الجنة)) فقد اشتملت المدينة المنورة على شىء من أرض الجنة، ومياهها، وثمارها.
... وما أحسن ما قال:
رياض نجد بكم جنان ... فضية حورها حسان
وترب واديكم بنجد ... مسك وحصباؤها جمان
والجار في ربعكم عزيز ... والحر في أرضكم مصان
والريح من شعبكم عبير ... والزهر ورد وزعفران
يا من لهم في الفؤاد مثوى ... دأبه يشهد الجنان
كم حن قلبي إلى لقاكم ... وبيننا الفور والرعان
وكنت أخفي الهوى ودمعي ... من شدة الوجد ترجمان
... وبالجملة: فقد اشتملت المدينة الشريفة على محاسن تعشقها العقول، وأوانس ما بين القلب وهمومه تحول، ولطائف تعطر أندية الأفكار طيبا، وتعطي من تعرض لنفحاتها من عرف الطيب نصيبا.
وحدثتني يا سعد عنها فزدتني ... شجونا فزدني من حديثك يا سعد
... فما أحلى ذلك الحديث، فهو حبيب النفس، وعشيق الطبع، وسمير ضمير الجمع، تتولع به الأرواح، لا الرياح، وتزهو به الألسن، لا الأغصن، وتبدو به طلعة البشر، لا الشجر، ويسمح بجنائه الجنان، لا الجنان، ويحلو به المنطق السحار، لا الأسحار.
أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره ... هو المسك ما كررته يتضوع
صفحة ٣٠