ومن يقل في المسك أين الشذا ... كذبه في الحال من شما ... قال القزويني في كتابه ((آثار البلاد وأخبار العباد)) عند ذكر المدينة المنورة: للطيب فيها فضل رائحة عليه منه في غيرها.
... وما أحسن ما قال:
يا خير من دفنت في الترب أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
... وقال آخر:
أكرم بها بقعة بالمصطفى شرفت ... على البقاع فضمت أعظم الرسل
أجل من وطىء الغبراء وأفضل من ... مشى على الأرض من حاف ومنتعل
... ولله در القائل:
طاب الصعيد بجسمه فكأنه ... روض نعم معفة المتأرج
ما جسمه مما يغيره البلى ... والروح منه كالصباح الأبلج
... ومنها: إن من عاب ترتبها، أو انتقص سكانها استحق التعزير، وقد عزر مالك - رحمه الله - شخصا انتقص تربتها بأنها سبخة. وما ألطف ما قال:
دار طه هي التي أتوخى ولطه تشتاقها للأعضاء
فعليها من المهيمن نور ... وعلى الترب راية بيضاء
... ولله در الأمير أبي فراس الحمداني حيث يقول:
علي لربع العامرية وقفة ... ليملى علي الشوق والدمع كاتب
ومن مذهبي حب الديار لأهلها ... وللناس فيما يعشقون مذاهب
... قال في ((الوفاء)): لا يجوز لغير أهل المدينة المنورة أن يماروا أهل مكة المشرفة، أو ينافسوهم لأن الله تعالى فضلهم على سائر البلاد. ومن محاسن المدينة زيادة البركة بها على مكة، وأن المدعو به لها من البركة ستة أضعاف مالمكة من البركة. ومنها: أن خبر الواحد من أهلها إذا عارضه إجماع غيرهم قدم على إجماعهم، كما نقل عن مالك - رحمة الله تعالى عليه - وقيل: البقاع لا أثر لها في ذلك، وفيه نظر وتأمل.
صفحة ٢٨