فلن يستوي حال من كان عندالله مرضيا مهتديا، وكان له وليا مواليا؛ وحال من كان مسخوطا عند الله مجنبا، وله سبحانه عدوا معاديا؛ في كل حال من الحال، وفي كل قول وفعال. لا يستوي ولي الله وعدو الله عند الله في حالة، ولا تتقارب منهما عنده منزلة ، لا في ثواب ولا في عطاء، ولا في زيادة ولا في هدى. حال أولياء الله عند الله حال الكرامة والثواب، وحال أعداء الله عند الله حال الخذلان والعقاب. فالحمد لله الذي ميز بين خلقه، وصدقهم في ذلك ما أوجب لهم من وعيده ووعده.
فإن قال قائل: كيف يكون الابتداء من الله على غير عمل ولا جزاء؟
قيل له كذلك الله يفعل ما يشاء، ويعطي من يشاء، على ما يعلم منهم من الإهتداء.
فإن قال: أليس بكمال العقل وتمامه تنال فرائض الله، وتبلغ إرادة الله في قولكم ؟ إذ (1) كان قد فضل بعضا على بعض في الزيادات في العقل؛ الذي ينال به كل فعل؛ ثم كلفهم كلهم بعد أن فضل منهم بالزيادة في العقل من فضل فرضا واحدا، وألزمهم شرائع سواء، لم يرض من أحد منهم بترك خصلة واحدة من ذلك، ولم يوجب على المفضل بالعقل في الفرض زيادة ركعة واحدة من ذلك، ولا صيام يوم واحد، ولم ينقص عن المنقوص في عقله من ذلك الفرض قليلا ولا كثيرا؛ فأين النصفة والعدل، مع ما ترون من الفعل؟
صفحة ٧٠٥