واعلم رحمك الله أن الله عز وجل لم يعن بما ذكر من الصلاة في أول هذه السورة وآخرها، إلا صلاة العتمة المفروضة. فجعل هذه الأوقات لمن كان كذلك وقتا، ألا تسمع كيف قال(1) سبحانه: {علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرأوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا} [المزمل: 20] فأوجب على كل مريض، وعلى كل مسافر، وعلى كل مجاهد فعل ذلك، وإقامة الصلاة في هذه الأحوال كلها، ولا يجب ما أوجب الله من ذلك، على من كان من الخلق كذلك؛ إلا وهو فرض مؤكد، وأمر مشدد. ولا يعرف لله في الليل فرض صلاة مفروضة؛ إلا ما ذكرنا من العتمة والعشاء، وقد شرحنا ذلك وفسرناه، واستقصيناه فيما شرحنا من تفسيره في سورة المزمل .
[صلاة التراويح]
وسالت عما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( أنه صلى التراويح في شهر رمضان ليلة واحدة، ثم أمر الناس بالأنصراف إلى بيوتهم ))، وقد روى ذلك بعض الناس وذكره، ولسنا نصحح شيئا من ذلك لا ليلة ولا ليلتين، ولا نعرفه عنه ولا نرويه. ولم يبلغنا أنه صلى بالناس صلى الله عليه وآله وسلم تراويح ليلة ولا ليلتين، ولا ساعة ولا ساعتين، ولا ركعة ولا ركعتين، ولم يروه أحد من علمائنا ولم يأثره(2) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحد من أبائنا، ولو كان ذلك شيئا كان منه؛ لروته آباؤنا عن آبائها وجدودها، ولما سقط عنهم شيء منه، ولأتوا به مصححا عنه.
[اختلاف الزوجين في الدين]
صفحة ٧٥١