وسالت فقلت: متى يعلم العبد أنه قد استوجب الجنة من الله سبحانه؟
والجواب(1) في ذلك إذا علم بحقيقة العلم أنه قد أخلص التوبة النصوح إلى الله، وأنه لا يدخل في معصية من معاصي الله، وأنه لا يدع شيئا من فرض الله؛ ثم علم أن ذلك منه بإخلاص واستواء، وثبات ونية وتقوى؛ فليعلم عند ذلك أنه من المؤمنين، وقد أخبر الله بمحل المؤمنين، فقال سبحانه: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون * أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون}[السجدة: 18 19]؛ فإذا أيقن بذلك من نفسه وعلمه، فليعلم أنه قد صار من أهل الجنة، كما ذكر الله في كتابه في هذه الآية التي ذكرنا (والله أعلم)(2).
[المساواة في الحقوق]
وسالت فقلت: أكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يساوي بين الأغنياء والفقراء في الحق؟
وكذلك لعمري كان صلى الله عليه وآله وسلم.
فإن كنت تريد بقولك: (يساوي بينهم في الحق، أي) (3) يساوي بينهم في الحكم، وينصف كلا من صاحبه؛ فكذلك لعمري كان صلى الله عليه وآله وسلم. وإن كنت تريد بقولك: يساوي(4) في الجوائز والعطاء والرزق؛ فنعم قد كانوا عنده في ذلك سواء فيما يجب لهم ويجري عليهم، مما يجب(5) التسوية بينهم فيه؛ مثل قسم الفيء، وقسم الغنائم. فأما في أرزاق المرتزقين(6)، وسهام الأجناد المتجندين؛ فلا يستوون في ذلك، ولا يكونون في الجوائز(7) سواء كذلك، بل الأرزاق للمرتزقين؛ على قدر ما يرى(8) إمام المسلمين من جرايتهم وعنايتهم، وحاجتهم إلى ما كفهم وأغناهم، وقام بأسبابهم؛ فعليه في ذلك حسن النظر لهم؛ والتمييز في كل ذلك بينهم.
صفحة ٧٤٥