ألا تسمع كيف يشهد الله لها بكثرة العبادة، ودوام الطاعة؟ حين يقول عز وجل: {وله من في السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون}[الأنبياء: 19 20]، فذكر سبحانه عنهم ما ذكر من عبادتهم، ودوام طاعتهم، في التسبيح له والتقديس في الليل والنهار لا يفترون، ومن كان عابدا لله الليل والنهار لا يفتر؛ خلاف من هو يفتر في الليل والنهار، ويشتغل بلذات نفسه، وشهوات قلبه من الجماع، والمآكل والمشارب(1) والنوم والجلوس والحديث.
فلما أن صح عندنا أن الملائكة مأمورة ومنهية كالأنبياء مختارة للطاعة كاختيار الأنبياء، قادرة على ضد الطاعة لو أرادته، بما جعل الله فيها من الاستطاعة والتمكين. ثم وجدناها قد استعملت ذلك كله أثرة لله، وإقبالا على طاعته، ففرغت أنفسها الليل والنهار في عبادته لا تفتر، حتى شهد الله لها بذلك؛ كانت عندنا أفضل من الأنبياء، لما ذكرنا(2) من فضل عملها، ودوام طاعتها.
ومن الدليل على فضل الملائكة على الأنبياء قول الله عز وجل: {لن يستنكف المسيح ان يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون}[النساء: 172] فقال سبحانه: {لن يستنكف المسيح} ثم قال: {ولا الملائكة المقربون} فذكر الملائكة بعد الميسح، فعلمنا أنها أكبر منه وأعظم وأفضل. وأقل مما ذكرنا ما كفى؛ من كان ذا فهم واجتزاء.
[معنى السموات مطويات بيمينه]
وسألت عن قول الله سبحانه: {والسموات مطويات بيمينه}[الزمر: 67].
صفحة ٧٢٠