81

وجاءها غلام زوجها بصبوح من اللبن بعث به إليها، فرآها نائمة مع جميل، فمضى لوجهه حتى خبر سيده.

ورأته ليلى أخت بثينة، وكانت قد عرفت خبرها وخبر جميل تلك الليلة، فاستوقفته كأنها تسأله عن حاله، وبعثت بجارية لها تحذر صاحبتها، فجاءت الجارية فنبهتهما، وصاحت بثينة بجميل، وقد تبينت الصبح: نفسك! نفسك! وهو غير مكترث لتخويفها يتمثل لها بقوله:

لعمرك ما خوفتني من مخافة

بثين ولا حذرتني موضع الحذر

فأقسم لا يلفى لي اليوم غرة

وفي الكف مني صارم قاطع ذكر

فأقسمت عليه أن يلقي نفسه تحت متاع البيت، وأفهمته أنها إنما تسأله ذلك خوفا على نفسها من الفضيحة لا خوفا عليه.

ففعل كارها، ونامت هي كما كانت وإلى جانبها أم الجسير. ثم أقبل زوجها، ومعه أبوها وأخوها يأخذ بأيديهما، ولا يشك في أنه سيطلعهما على ريبة كما أنبأه غلامه. فلما كشفوا الثوب إذا أم الجسير حيث كانوا ينظرون جميلا! فخجل الزوج، وصاحت أختها ليلى: قبحكما الله! أفي كل يوم تفضحان فتاتكما ويلقاكما هذا الأعور - تعني زوج بثينة - بكل قبيح؟

قال راوي القصة: وأقام جميل عند بثينة حتى أجنه الليل ثم ودعها، وانقطعا عن اللقاء إلى أن نسيت القصة. (8) بين سلطانين

كان عامر بن ربعي بن دجاجة واليا على بلاد عذرة، فشكا إليه أهل بثينة جميلا وقالوا: إنه يهجوهم ويغشى بيوتهم وينسب بنسائهم، فأباحهم دمه إن وجدوه عندهم، ونجا جميل بنفسه إلى اليمن فلم يزل بها حتى عزل ذلك الوالي، وانتجع بنو عذرة ناحية الشام فارتحل إليهم. (9) بثينة تنقد

صفحة غير معروفة