والحجة عليهم قوله تعالى هو:( هو سماكم المسلمين من قبل ). (الحج: من الآية78)؛ أي في التوراة وفي الإنجيل ( وفي هذا )؛ أي في القرآن.فسمى الصحابة مسلمين قبل إسلامهم.
وقوله عز وجل: ( فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين ). (الحجر:30)، إلا أن قالوا المعنى في الكون بالنظر إلى وقت أباه من السجود.
ونحتج عليهم أيضا بأنه إذا كان عالما بالشيء قبل أن يكون وعالما بخاتمته من سعادة وشقاوة،فتقلب ولايته وعداوته يحسب أعماله عبث والله منزه عنه، وإنما يجري الأمور على حسبما يظهر من لا يعلم الحقيقة، وبأنه لو اطلع الله رجلا أن هذا الإنسان العابد أو الجني العابد شقي، أو أطلع على ذلك ملك لم يسمع لمن أطلعه عليه أن يتولاه و إلا عاند الله فثبت أن ولايته وعداوته لا تتقلبان.
فمن علم الله أنه سعيد فهو في ولايته ولو في حال عصيان، ومن علم أنه شقي ففي عداوته ولو في حال طاعته، وما ينقض به على كل من الجهمية قولهم لا يعلم الشيء حتى يقع، ومن هؤلاء القائلين تتقلب ولاية الله وعداوته تعالى ينقض به على الآخرين.
كما أن ما ينقض به على الروافض في قولهم قبحهم الله أن الله تبدوا له البداوات ينقض به على هؤلاء في حال عصيانه، ومعنى كون علمه قديما أنه لا أول له ولا انكشاف المعلومات له، وأن ذاته قديمة كافية وفي الانكشاف.
ومراد من قال: لا يقال علمه قديم كما لا يقال متحدد أنه لا يقال علمه شيء زائد على الذات قديم معها، ومعنى ولايته وعداوته حبه وبغضه ولهذا أمكن الخلاف السابق والرد السابق.
صفحة ٤٣