ولزم على قولهم أن يكونوا آلهة وأربابا لأفعالهم نظروا إلى جهة الكسب فسموا الكسب خلقا، وكما نظرت المرجئة إلى جهة خلق الله بأفعالهم فأضافوها إليه، وجعلوا أنفسهم كالميت بين يدي الغاسل وكل ذلك خطأ.
والحق إضافة الفعل إلى الفاعل من حيث أنه كسب له، وإضافته إلى الله سبحانه من حيث أنه خلق، والقدر ما في الإرادة.
وقيل: القدر انتهاء الأمور إلى أوقاتها، وفي معناه: قول بعض أنه موجود الأشياء مفصلة في الخارج.
والقضاء: وجودها مجملة في اللوح المحفوظ أو في علم الله سبحانه وذلك نظرا إلى المعنى الحاصل بالمصدر.
وأما إن نظرنا إلى معنى المصدر فلنغير بالإيجاد بدل الوجود، وبين القضاء والقدر عموم وخصوص من وجه لاجتماعهما في الخلق وانفراد كل منهما ووجب الإيمان بهما.
قال بعضهم: قد يقال أن الله تعالى إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، فهناك الإرادة وهي قضاء، والقول: وهو قدر والمراد بالإرادة هنا الإرادة المقارنة للفعل وهنالك الإرادة الأزلية.
الرابع: الولاية والبراءة وهي العداوة، اتفق الموحدون أن الله موال ومعاد لم يزل، معرفة هذا تلزم بقيام الحجة، وأما مع أول البلوغ فتلزم معرفة أن الله موال ومعاد اتفقوا أن الله عالم بما كان وما يكون.
وأن الممكن الذي لا يوجد لو كان يوجد لكان الله عالما به، ولما كان لم يوجد لم يصح لنا أن نقول علمه، كما لا يصح أن نقول جهله وذلك أن علمه تعالى يتعلق بالوجوب والممكن الذي وجد أو يوجد دون المستحيل، والممكن الذي لا يوجد إذ لا حقيقة لهما يتعلق بها العلم بل تعلق علمه بعدم وجودهما وذلك مذهبنا.
وقال بعض قومنا يتعلق بهما ونقضت الحسنية قولهم بزعمهم أن ولاية الله وعداوته تتقلبان، فإذا كان الإنسان في الطاعة تولاه الله وإذا ترك الطاعة وعصى عاداه، وإذا رجع إلى الطاعة تولاه وهكذا، ونسب في السؤالات النقض للنكار ولعل الفريقين نقضوا بذلك.
صفحة ٤٢