جامع العلوم والحكم
محقق
الدكتور محمد الأحمدي أبو النور، وزير الأوقاف وشئون الأزهر سابقًا
الناشر
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
القاهرة
"خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" (^١).
* * *
[النية والأيمان]:
• ومما تدخل النية فيه من أبواب العلم مسائل الأيْمَانِ؛ فَلغو اليمين لا كفارة فيه، وهو ما جرى على (^٢) اللسان من غير قصد بالقلب إليه؛ كقوله: لا والله، وبلى والله، في أثناء الكلام، قال تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ (^٣).
وكذلك يُرجَعُ في الأَيْمانِ إلى نية الحالف، وما قَصدَ بيمينه؛ فإن حلف بطلاق أو عتاق ثم ادعى أنه نوى ما يخالف ظاهِرَ لفظه فإنه يُديَّن فيما بينه وبين الله ﷿.
وهل يقبل منه في ظاهر الحكم؟
فيه قولان للعلماء مشهوران.
وهما روايتان عن أحمد.
• وقد روي عن عمر ﵁ أنه رُفِعَ إليه رجل قالت له امرأته: شَبِّهني قال: كأنك ظبية، كأنك حمامة!؟ فقالت: لا أرْضى حتى تقول أنت خلية طالق، فقال ذلك، فقال عمر: ﵁ "خذ بيدها فهي امرأتك".
خرجه أبو عبيد، وقال: "أراد الناقة تكون معقولة ثم تُطْلَق من عقالها، وَيُخَلَّى عنها؛ فهي خليَّة من العقال، وهي طالق؛ لأنها قد طَلَقَتْ (^٤) منه؛ فأراد الرجل ذلك؛ فأسقط عنه عمر الطلاق لنيّته.
قال: وهذا أصل لكل من تكلَّم بشيء يشبه لفظَ الطلاق والعتاق وهو ينوي غيره أن القول فيه قوله فيما بينه وبين الله ﷿ -في الحكم- على تأويل مذهب عمر ﵁".
* * *
(^١) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣١٨، ٣٦٦ (الحلبي) والبيهقي في السن الكبرى كتاب الحج: باب الإيضاع في بطن محسر ٥/ ١٢٥ كلاهما من حديث سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر. وكذا أخرجه مسلم ٢/ ٩٤٣ - ٩٤٤، بنحوه. (^٢) في أ: "عليه". (^٣) سورة البقرة ٢٢٥ وفي م: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ سورة المائدة ٨٩. (^٤) راجع الأثر وتعليق الخطابي ثم الزمخشري عليه في الغريب ٢/ ٩٩ والفائق ١/ ٣٩٩،
1 / 91