قال الله: ||{وقاتلوا في سبيل الله}||، {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} بالعدل والصلح أن يعطي ما وجب عليه أو يرجع إلى حكم المسلمين، فإن رجع وفاء أخذ بما به امتنع ولا يهدر عنه ذلك، ولا يؤخذ بما أصاب من المسلمين في حال ما حاربهم وحاربوه؛ إذ لم يعلم الله ذلك في كتابه، وإنما قال: {حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا}، أمر بالقسط والصلح بينهما، وإنما يطلب من الطائفتين أن يعطوا العدل من أنفسهم إذا أصابوه في القرآن لحرمة ما أصابوا والإقرار بحق القصاص؛ فتكون النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص، فمن تصدق به من صاحب حق بحقه فهو كفارة له.
قال بعضهم: كفارة للمتصدقين به. وقال قوم: كفارة سترة للمعفى عنه من القتل.
{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، وهي عامة من الله لكل ما قال من طاعة أو معصية أو إيمان أو كفر فيطلب إلى طائفتين حق ما يقرون به، فإن أعطوه قبل منهم، وكانت فيه سلامتهم من البراءة منهم، والتكفير لهم، واستحلال دمائهم.
فإن امتنع أحد الطائفتين صار باغيا كافرا حلالا ببغيه دمه، ولا قصاص له؛ لأنه لم يفئ إلى الإيمان، ولا إيمان للبغاة، ولا قصاص لمن حل دمه عند المسلمين في المنزلة التي أحل الله فيها دمه ، ولا يحل في محاربتهم شيء من سباهم ولا غنيمة أموالهم، ولا يؤخذون بشيء مما أصابوا في حال المحاربة، ويهدر عنهم إذا فاءوا إلى أمر الله، ولكن يؤخذون بما قوتلوا عليه حين طلب إليهم فامتنعوا، وقاتلوا عليه، يؤخذون به رغما لهم.
صفحة ٢٤٥