وكذلك الحج يسعه جهل معرفته وفرائضه ومناسكه ما لم يستطع الحج، وإنما قلنا: يعذر ما قام بذلك غيره من المسلمين، فإذا وجب عليه الحج ولزمه فرضه فعليه الخروج منه كما أمر الله، فإن هو تركه بعد وجوبه لم يحج ولم يوص به حتى مات لم يعذر بذلك ولم يسعه.
وقد أوجب الله الحج على من استطاع إليه سبيلا، وإن هو دخل في الحج لزمه علم فرائضه والعمل بها، واجتناب ما يفسد عليه حجه من الرفث والفسوق والجدال في الحج، فإن ركب شيئا مما يفسد عليه حجه، أو ترك شيئا من فرائضه لم يعذر بركوب شيء من ذلك بجهل ولا علم.
وكذلك عليه أن يجتنب قتل الصيد، وقطع الشجر، وما يوجب الجزاء لمن ركب ذلك، فإن هو ركب شيئا من ذلك بجهل أو علم لزمه الجزاء بما يحكم به الحكمان، ولم يعذر بترك ذلك.
ويسعه جهل معرفة بر الوالدين والأرحام، وحق الجار والزوجات والأولاد والمماليك، والصاحب بالجنب وابن السبيل ما لم يبتل بذلك.
فإذا لزمه شيء من ذلك فعليه القيام به والخروج منه كما أوجبه الله وعمل به رسول الله ^، وسار به المسلمون من بعده، ولا يعذر بترك ما يلزمه بعد علمه، وإنما يسعه إذا أقر بالجملة ما لم يبتل بشيء من ذلك، أو تقم عليه الحجة بعلم ذلك.
وقد أوجب الله بر الوالدين، وقال: {وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم}، فأوجب ذلك على من لزمه، ولا يعذر بتركه، ولا العمل به عند لزوم عمله له، أو قيام الحجة به عليه، فيدين به، ومتى وجب عليه قام به، وقد أوصى الله بالزوجات فقال: /158/ {وعاشروهن بالمعروف}.
صفحة ٢١٧