وقال: «لو أن الناس نظروا إلى خلق الرفق لرأوا خلقا حسنا لم يروا خلق شيء أحسن منه، ولو نظروا إلى خلق الخرق لم يروا شيئا أقبح منه». /94/
ويروى عن علي: أنه سأله رجل عن فعل العباد "أمن الله أو منهم؟"، قال: "هو منهم عمل، ومن الله خلق".
وقال حذيفة: "إن الله خلق كل صانع وصنعته".
وعن مجاهد: في قول الله: {ومن كل شيء خلقنا زوجين}. قال: الكفر والإيمان، والخير والشر، والهدى والضلال.
وعن الحسن في قوله: {وجعل الظلمات والنور}، قال: الكفر والإيمان.
ومن القياس على خلق الفعل: أن الدليل على أن فعلنا مخلوق، وهو ما دلنا على أن نومنا مخلوق، وأن الأمراض والأسقام ونحو ذلك مخلوق. وقوله تعالى: {ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله} دليل على أن فعلنا مخلوق.
فإن قال: فإن النوم لا يجيء الإنسان إلا وهو يكرهه.
قيل له: وكذلك قد يفعل الإنسان أفعالا وهو يكرهها، قال الله: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}.
فإن قال: فالنوم ليس من فعل العباد.
قيل له: هذا دعوى منك؛ لأنه لا يجد علة بها يثبت بها خلق النوم إلا وفي الفعل مثل تلك العلة، كذلك العلة في تلك الأمراض يوجد في الفعل مثلها، فدلنا على أن الفعل مخلوق.
ويقال لمن نفى خلق الفعل: نفيت ذلك، وليس ذلك بظاهر في الكتاب ولا في السنة.
فإن قال: فإن الله لا يحب ذلك، ولو فعل ذلك لم يعذب عليه؟
قيل له: فيلزم في قياسك أن تقول: إنما يحب ولا يعذب عليه فهو مخلوق، وإلا بطل ما اعتللت به من ذلك.
فإن قال: ما أفضل؛ فعل الله أم فعل العبد؟!
قيل له: فعل الله.
فإن قال: الصلاة؛ فعل الله أم فعل العبد؟
قيل له: من الله أمر وخلق، ومن العبد عمل وكسب.
صفحة ١٣٣