ثم نبدأ بذكر الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم التي (¬1) تتعلق بها أحكام الشريعة، وإن كان الفقهاء قد اختلفوا في تأويلها وتنازعوا في صحة الحكم بها؛ لأنها قواعد الفقه و(أصول دين الشريعة (¬2) ) لحاجة المتفقه إلى ذلك، وقلة استغنائه عن النظر فيه والاعتبار في معانيه، فالواجب عليه إذا أراد علم الفقة 1أن يتعرف أصول الفقه وأمهاته، ليكون بناؤه على أصول صحيحة ليجعل كل حكم في موضعه ويجريه على سننه، ويستدل على معرفة ذلك بالدلالة الصحيحة، والاحتجاجات الواضحة، وأن لا يسمي العلة دليلا، والدليل علة، والحجة علة، وليفرق بين معاني ذلك، ليعلم افتراق حكم المفترق، واتفاق المتفق؛ لأني رأيت العوام من متفقهي أصحابنا، ربما ذهب عليهم كثير من معرفة ما ذكرنا وتكلم عند النظر ومحاجة الخصوم بما ينكره الخواص منهم، وأهل المعرفة بذلك؛ لأنهم ربما وضعوا اللفظة في غير موضعها ونقلوا الحجة على (¬3) غير جهتها، واستعملوها في غير أماكنها.
والله نسأل أن يوفقنا وإياهم لما يقربنا إليه، ونحن نذكر بعد هذا في كتابنا هذا من هذه المعاني، ونبين من ذلك ما يرغب (¬4) إلى الله في توفيقه لنا ومعونته على ذلك.
باب في الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم
وهي التي تتعلق الأحكام بها، ويختلف الفقهاء في معانيها ( نسخة تأويلها) وتنازع الحكم في معانيها. فمنها أخبار المراسيل، وأخبار المقاطيع، والأخبار الموقوفة، وأخبار المتن، وخبر الصحيفة، والخبر الزائد على الخبر الناقص، والخبر المتعارض لغيره من الأخبار. والخبران يردان من طريق أو طريقين يكون أحدهما خاصا والآخر عاما. والخبران يكون أحدهما ناسخا والآخر منسوخا.
¬__________
(¬1) في (ب) و (ج)، والتي تتعلق، وهذا هو الصحيح.
(¬2) في (ب) و (ج) وأصوله الشريعة.
(¬3) في (ج): إلى.
(¬4) في (ج): نرغب.
صفحة ٢