الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم
محقق
د. علي حسين البواب
الناشر
دار ابن حزم
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٣هـ - ٢٠٠٢م
مكان النشر
لبنان/ بيروت
فَشرب مِنْهُ، فَخرج من جَوْفه، ثمَّ أُتِي بِلَبن شربه فَخرج من جرحه فعرفوا أَنه ميت، قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَجَاء النَّاس يثنون عَلَيْهِ، وَجَاء رجل شابٌّ فَقَالَ: أبشر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ببشرى الله ﷿، قد كَانَ لَك من صُحْبَة رَسُول الله ﷺ وَقدم فِي الْإِسْلَام مَا قد علمت، ثمَّ وليت فعدلت، ثمَّ شَهَادَة. فَقَالَ: وددت أَن ذَلِك كَانَ كفافًا لَا عَليّ وَلَا لي، فَلَمَّا أدبر الرجل إِذا إزَاره يمس الأَرْض، فَقَالَ: ردوا عَليّ الْغُلَام، فَقَالَ: يَا ابْن أخي، ارْفَعْ ثَوْبك، فَإِنَّهُ أنقى لثوبك، وَاتَّقَى لِرَبِّك.
يَا عبد الله، انْظُر مَا عَليّ من الدّين، فحسبوه، فوجدوه سِتَّة وَثَمَانِينَ ألفا أَو نَحوه، فَقَالَ: إِن وفى بِهِ مَال آل عمر فأده من أَمْوَالهم، وَإِلَّا فسل فِي بني عدي ابْن كَعْب، فَإِذا لم تف أَمْوَالهم فسل فِي قريشٍ، وَلَا تعدهم إِلَى غَيرهم، وأد عني هَذَا المَال. انْطلق إِلَى أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة فَقل: يقْرَأ عَلَيْك عمر السَّلَام، وَلَا تقل: أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَإِنِّي لست الْيَوْم للْمُؤْمِنين أَمِيرا، وَقل: يسْتَأْذن عمر بن الْخطاب أَن يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ، قَالَ: فَسلم، وَاسْتَأْذَنَ، ثمَّ دخل عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَة تبْكي، فَقَالَ: يقْرَأ عَلَيْك عمر بن الْخطاب السَّلَام ويستأذن أَن يدْفن مَعَ صَاحِبيهِ، فَقَالَت: كنت أريده لنَفْسي، ولأوثرنه الْيَوْم على نَفسِي، فَلَمَّا أقبل قيل: هَذَا عبد الله بن عمر قد جَاءَ، فَقَالَ: ارفعوني، فأسنده رجل إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا لديك؟ قَالَ: الَّذِي تحب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَذِنت، قَالَ: الْحَمد لله، مَا كَانَ شَيْء أهم إِلَيّ من ذَلِك، فَإِذا أَنا قبضت فاحملوني، ثمَّ سلم وَقل: يسْتَأْذن عمر، فَإِن أَذِنت لي فأدخلوني، وَإِن ردتني ردوني إِلَى مَقَابِر الْمُسلمين.
فَجَاءَت أم الْمُؤمنِينَ حَفْصَة وَالنِّسَاء يسترنها، فَلَمَّا رأيناها قمنا، فولجت عَلَيْهِ، فَبَكَتْ عِنْده سَاعَة، وَاسْتَأْذَنَ الرِّجَال فولجت دَاخِلا، فسمعنا بكاءها من الدَّاخِل، فَقَالُوا: أوص يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، اسْتخْلف، قَالَ: مَا أرى أحدا أَحَق بِهَذَا الْأَمر من هَؤُلَاءِ النَّفر - أَو الرَّهْط - الَّذين توفّي رَسُول الله ﷺ وَهُوَ عَنْهُم راضٍ، فَسمى
1 / 128