قال ابقراط وينبغى لك أن تزيد فى لف الرباط زيادة تقيد بها ما حول هذه وتضبط بها الرباط كله من الجهتين المتخالفتين وتجعل الزيادة فى المواضع الساكنة من البدن والتى هى أخلى من غيرها بمنزلة الموضع الذى فوق الركبة والموضع الذى هو أسفل منها
قال جالينوس ما كان من الكلام الوجيز على مثل هذا فينبغى لنا ان نحمده إذا كان يدل على معنى القول باسم واحد دلالة واضحة بينة كما أن ابقراط فى كلامه هذا قد دل بقوله تقيد على معنى لو استوفى العبارة عنه لاحتاج أن يقول ان طرف الرباط من آخره فى مواضع المفاصل ينبغى أن يستوثق منه برباط فضل يربط خارجا عن موضع المفصل فدل بقوله ضبط الرباط من الجهتين المتخالفتين على أنه ينبغى لنا أن نعنى عناية كثيرة بأن لا يزول الرباط منحدرا إلى أسفل إلى المواضع الذاهبة إلى أسفل ولا يرتفع صاعدا إلى فوق إلى شىء من المواضع المتحدبة التى سماها هو فيما تقدم من قوله التى أطرافها محددة حيث قال ومن الجيد الجميل إذا أنت تعلمته أن العقد يبادر ويزول إلى المواضع الذاهبة إلى أسفل والتى أطرافها محددة وقد يتبين لنا من قوله أنا قد أصابنا وأحسنا فى قولنا إن ما يقوله هاهنا هو متصل بما قاله من الجيد الجميل إذا أنت علمته أن العقد يهرب ويزول إلى المواضع الذاهبة إلى أسفل والتى أطرافها محددة ومع هذا أيضا فإن ابقراط قد ذكر المواضع الموافقة التى ينبغى أن يوضع فيها منتهى الرباط بأوجز ما يكون من القول أحصرها فى لفظتين فقال الساكنة والخالية والساكنة هى كل المواضع الخارجة عن المفصل ولواحد من العظمين المتصلين واحد بالآخر بمنزلة ما نجده فى مفصل الركبة إما فى الفخذ وإما فى الساق وهذه المواضع الساكنة هى أيضا أخلى من غيرها وابقراط يعنى بقوله خالية الأعضاء الناشزة يريد بذلك الأعضاء المنخفضة المنقبضة اللاطئة فإن كل شىء خال فهو منقبض وإذا نظرت فيما تدل عليه هذه اللفظة على االحقائق أعنى قوله خال وجدتها تدل على الفارغ كما أن قولنا أخلى هذا الشىء إنما يدل على فرغه وكذا وجدنا أوميرش أراد بقوله وايراقليس الذى من إيليون أخلى المدينة أم فرغها وقول اليونانيين لابارا وتفسيره الخالى إنما يريدون من البدن جميع المواضع التى فيما بين عظمى الركب وبين ضلوع الخلف ومن عاداتهم أيضا أن يسموا كل شىء منقبض خاليا لأن الشىء الفارغ لا محالة منقبض وإنما سموه بهذا الاسم من طريق المشاركة فى الاسم على التشبيه وأخذوه من العرض للأمرين
صفحة ٣٤