وهذا وحده أمر مفرد يسير سهل أن يعلمه كل أحد. أعنى «أن يجعل الاستفراغ على حسب ميل الكيموسات.» وإنما تعرف ميلها فى كل واحد من المرضى، إلى أى ناحية هو، فعس جدا. ولذلك تجد ما كتب به أبقراط فى تقدمة المعرفة، أضعاف ما كتبه فى العلاج. وقد تقدم فى صدر كتابه فى تقدمة المعرفة فقال «إنى أرى أنه من أفضل الأمور أن يكون من شأن الطبيب تقدمة الرؤية.» وذلك أنه إنما أراد بقوله تقدمة الرؤية، تقدمة المعرفة. ثم ما أتى به بعد ذلك حين قال «وذلك أنه إذا تقدم فعلم وسبق فأخبر المرضى.» وإنما سمى تقدمة المعرفة بتقدمة الرؤية لأن صاحبها يتقدم فيصور فى ذهنه الأمور كلها، ويراها قبل أن يتعرفها بالحس.
٧
من ذلك أن الورم الذى يكون فى البطن، أما كثير من المتطببين فإنما يعرف كم مقداره، وأى أنواع الأورام هو، وفى أى الأعضاء أو الأحشاء هو، ويتعرف ذلك بالحس والنظر. وأما الطبيب الحاذق بتقدمة المعرفة، الكامل فى صناعته، فإنه يرى ذلك بذهنه قبل أن يدركه بالحس. وليس من نبض العرق فقط يتعرف الموضع الذى فيه الورم. لكن قد يمكن أن يعرف ذلك من لون البدن كله، ومن اللسان خاصة ومن البول والبراز. والاستدلال من هذه الأشياء أصح منه باللمس.
صفحة ٨٦