وجميع العلامات التى ذكر أبقراط أنها تدل على الأمراض التى يأتى بحرانها فى الأربعة الأيام الأول، أو فى الأربعة الثانية أو فى الثالثة أو فيما بعد ذلك، ليس شىء منها يغادر البحران الذى يدل عليه وقته، إذا جرى أمر المريض كله من أول أمره إلى أن ينتهى منتهاه على ما ينبغى. وقد وصف هذه المعانى أبقراط نفسه، فقال «إنه ليس ينبغى لك أن تقتصر على فعل ما ينبغى أن تفعل دون أن يجرى المريض ومن يحضره، والأشياء التى من خارج، هذا المجرى.» [ومن قوله أيضا، «وقد ينبغى لك أن لا تقتصر على توخى فعل ما ينبغى دون أن يكون ما يفعله المريض كذلك ومن يحضره، والأشياء التى من خارج.»] فكأنه قال إنك إذا قصدت أيها المتطبب إلى أن تختبر وتمتحن بالطريق العادل ما أصفه لك فى كتابى هذا، فلا ينبغى لك أن تقتصر على أن تتحرى فعل ما ينبغى أن تفعله، وتظن أنك إذا فعلت ذلك فقد اكتفيت به، دون أن يفعل المريض كل ما تأمره به، وينهى عن فعل كل ما تنهاه عنه، ويفعل مثل ذلك من يخدمه، وتكون الأشياء التى من خارج غير محدثة حدثا على المريض. فإنه إن حدثت على المريض آفة من أحد هذه الوجوه، فليس ينبغى لك أن تتوقع حدوث الأشياء التى أحكم بها.
ومثال ذلك أن ننزل أنا قلنا فى مريض إنه يبرأ من مرضه ببحران يصيبه فى اليوم السابع، واتبعنا فى ذلك طريق أبقراط، ثم أنه عرض فى اليوم السادس من مرضه حريق فى الدار التى ينزلها، فدعاه ذلك إلى أن وثب عريانا هاربا منها. ثم أصابه حين برز ريح ومطر وبرد، فأقول إنه إن كانت هذه حال المريض، فليس ينبغى أن يمتحن فيه ما تقدم الطبيب فحكم به عليه. فإنه قد يمكن أن ينال المريض مما عرض له من الضرر أن يموت، فضلا عن أن لا يكون البحران فى اليوم السابع. فأما متى لم يحدث حادث من خارج يدخل بسببه على المريض ضرر فيما بين وقت حكم الطبيب بما قد حكم، وبين الوقت الذى حده، ثم مات المريض أو لم يبرأ من علته فى اليوم السابع، أو برأ من غير بحران، فعند ذلك يلزم الطبيب الذى قد تقدم فحكم بما حكم به من الخطأ فى الوجه الذى لم يصح من الوجوه التى حكم بها.
صفحة ٧٤