وذلك أن اجتماع الأعراض التي وصفناها قبيل في المحموم يرون فيها مثل ما يری أصحاب القياس.
ومن عادتهم أن يسموا هذا الاجتماع «المقارنة» التي تدل صاحب الرأي والقياس علی الاستفراغ، وتذكر صاحب التجربة بما رصده وحفظه.
وذلك أنه لما كان قد رأی مرارا كثيرة أن الاستفراغ قد نفع من كانت هذه حاله، صيره ذلك إلی الرجاء إذا استعمله الآن أن ينتفع به.
ويعلم أيضا أن صاحب سن منتهی الشباب يحتمل الاستفراغ الكافي بلا مشقة مما قد رآه وشاهده مرارا كثيرة.
وكذلك أيضا يعلم أن الاستفراغ يحتمل في الربيع أكثر مما يحتمل في الصيف، وفي البلد المعتدل أكثر من غيره. وإن كان أيضا قد اعتاد المريض الاستفراغ إما بانفتاح أفواه العروق التي في المقعدة، وإما برعاف، فانقطع عنه، فإن صاحب الرأي والقياس يستفرغ من الدم بسبب ذلك مقدارا أكثر مما يبعثه ويدله عليه نفس الشيء.
وأما صاحب التجربة فإنه يفعل ذلك، لأنه كذلك رصد وحفظ.
وبالجملة: فإن أصحاب التجربة وأصحاب القياس يستعملون في المرض الواحد علاجا واحدا، إلا أنهم يختلفون في طريق استخراج ذلك العلاج ووجوده.
صفحة ٢٨