Izhar al-ʿAsr li-Asrar Ahl al-ʿAsr
تصانيف
وفي يوم الخميس تاسع عشر شوال، خرج المحمل من القاهرة إلى بركة الحجاج، ومعه دولات باي، دويدار السلطان الكبير، أميرا للركب، وخرج بجهاز بهر العقول، وأخبر الشيوخ، أنه ما خرج بمثله أمير ركب قط، ولم يكن السلطان أعطاه إلا خمسة آلاف دينار، مع أن عادة مثله على السلطان عشرة آلاف دينار، وفي سنة أربع وخمسين، أعطى أمير الركب تمربغا، الدويدار الثاني عشرة آلاف نقدا، وأمتعة، وجمالا بعشرة آلاف، وخرج المحمل في هذه السنة، ولم يعين السلطان أميرا آخر ليسير بركب بين يدي المحمل، كما جرت به العادة، وكان الحاج كثيرا، فما شك دولات باي، أن المقصود أن يونوا ركبا واحدا فاشتد ذلك عليه، خوفا من كثرة تزاحمهم على الموارد، وتضييق بعضهم على بعض، فلما كان يوم السبت حادي عشري الشهر، أرسل السلطان إليه إلى البركة، أن يسير في ذلك اليوم بين يديه ركبا أول، ويرسل معهم دويداره فارس أميرا فتضاعف غمه لذلك؛ لما فيه من إمارات الغضب عليه، وتكليفه ما لا يطاق، فإنه لم يتأهب لذلك، ولم يسعه التأخر، فسار دويداره ببعض الحاج في ظهر يوم السبت المذكور، وسار هو ببقية الحاج صبح يوم الأحد ثاني عشريه، وفيهم سيدي خليل بن الملك الناصر فرج بن برقوق، وكان قبل بإسكندرية، وفيهم من أكابر العلماء، الشيخ كمال الدين بن الهمام، وقد جهزه السلطان بعياله، وصرف عليهم نحو خمسة آلاف دينار، وكان في هذا الركب العلماء، والصلحاء، والأعيان، رعاهم الله بعين عنايته، وكان قاضيهم الفخر عثمان المقسي الشافعي.
قضاة طرابلس:
صفحة ٢٥١