وبعد خراب مدينة نينوى كان الميديون قد اكتفوا باسترجاع استقلالهم وخروجهم عن طاعة الدولة الآشورية، ولكن القائد البابلي أو الكلداني المدعو باسم فول «بيليزيس المذكور» استولى على الأقاليم الآشورية وجعلها تابعة لبلاد بابل وضم إليها بلادا أخرى، ثم إن «فول» المذكور نزل على سوريا، وكان السوريون مقتسمين المملكة؛ عشرة أسباط منهم في سوريا، وقاعدة ملكهم مدينة السامرة، وسبطان «يهوذا وبنيامين» كانا يسكنان بلاد فلسطين أو كنعان، وقاعدة ملكهم أورشليم، فلما أغار فول على هذه البلاد وقاتله ملك الأسباط المدعو مخيم الإسرائيلي، وانتصر عليه فول المذكور استولى على أكثر ولايات سوريا حتى دفع له مخيما ألف طونولاته من الفضة. (1-4) الدولة الآشورية الثانية
وذكر الملك تجلات فلصر الثاني من 744-727ق.م
ولم تدم غلبة الكلدانيين على البلاد الآشورية إلا لغاية وفاة الملك فول سنة 747ق.م، ثم قامت الحروب على قدم وساق بين الآشوريين والكلدانيين مدة ثلاث سنين، وتمت أخيرا بهزيمة البابليين، وتقلد تجلات فلصر بملك الآشوريين والبابليين بما أنه كان رئيس هذا الهيجان، وذلك سنة 744ق.م، ولما حكم تجلات المذكور حارب الأراميين وانتصر عليهم مرارا، وفي وقتها نزل قوم من الأراميين سكان الجزيرة حاربوا اليهود وانتصروا عليهم، فاستنجدوا بتجلات المذكور فأنجدهم بجيوشه وقاتل الأراميين وحاصرهم مدة في القدس ثم افتتحها وسبى أهلها.
الملك سلمنصر بن تجلات فلصر من 727-722ق.م
كان ملكا جبارا يحب الغزو، ولما حكم أغار على ملوك سوريا وأهلك كثيرا من الإسرائيليين، وأخيرا دفع له الجزية يوشع ملك الإسرائيليين بعد ما أسر ملوك الأسباط العشرة، وأدخل مدينة السامرة تحت حكمه وحمل أهلها إلى آشور، وأتى بطائفة من الآشوريين وأسكنهم فيها، ثم نزل على الفنيقيين وقاتلهم، وحاصر مدينة صور تخت ملكها مدة سنة ثم تركها وعاد إلى بلاده، وبهذا الملك انقرضت العائلة الملوكية الآشورية؛ إذ كانوا انقرضوا بالكلية ولم يوجد منهم من يلي المرتبة السلطانية، واجتمع الأعيان وقلدوا بمنصب الملك رئيس الجنود المدعو «سرجون» الآتي ذكره.
ذكر سرجون من 722-704ق.م
وقد كان هذا الملك من أعظم الملوك أرباب الغزو والجهاد، وإن كانت مدته قد مكثت مدة قصيرة لكنها قد ألفت على وجه التاريخ بهجة عظيمة؛ لأن الملك سرجون في مبادي حكمه كان قد أخذ مدينة «السامرة» وأخربها بالكلية، وحارب الملك سباقون الحبشي ملك مصر وغلبه في واقعة «رافيا» ببلاد الشام سنة 721ق.م ثم شن الغارة على بلاد أرمينيا حتى أدخلها تحت الطاعة إلا أشياء قليلة منها، وفتح بلاد فلسطين سنة 710ق.م، وكذلك جزيرة قبرص سنة 708، وكانت هذه الجزيرة محكومة في ذلك الوقت بجملة ملوك طوائف صغيرة أصل أكثرهم من اليونان، وفي آخر حكمه اختط مدينة «خورازاباد» بدلا عن مدينة نينوى من بعد خرابها، ومات مقتولا في سنة 704ق.م؛ حيث قتله جماعة من أرباب الفتن ببابل.
ذكر سنحاريب بن سرجون 704-681ق.م
كان شجاعا صاحب حروب وغزوات كثيرة، ولما حكم آشور وبابل جهز الجيوش لقتال اليهود، ونزل على فلسطين وقاتل أهلها، فاستعان عليه اليهود بملك مصر سباقون الأتيوبي، فأنجدهم بجيوشه، فكسره سنحاريب - كما تقدم - وحاصر بيت المقدس، وكان على اليهود في ذلك الوقت حزقيا الصالح، فلما ضاقت نفوسهم من شدة الحصار تضرعوا إلى الله سبحانه وتعالى، واستغاثوا به، وكان فيهم النبي أشعيا، فلما أصبح سنحاريب ورأى جيشه قد تلف منه عدد عظيم خاف على نفسه، ورجع إلى بلاده ودخل نينوى، والتفت إلى تنظيم المباني، وبناء الهياكل والمعابد، وكانت عادته إذا زار الأصنام يسجد لها مدة، ففي يوم دخل هيكلا بعد ما تبرك بصنمه سجد طويلا، فدخل اثنان من أولاده وقتلاه، ثم خافا من أخيهما الثالث وكان جبارا، فهربا إلى جبال الموصل في أرمينيا واختفيا هناك، ثم أتيا إلى بيت المقدس، واستجارا بحزقيا ودخلا في ملته.
ذكر الملك آسارادون بن سنحاريب من 681-668ق.م
صفحة غير معروفة