وهذا القرآن يذكر لنا قصة أخرى، ويذكرنا لعلنا نتذكر، ولكن سيذكر من يخشى، فهاهي سورة البقرة (آية 246) تذكرنا بقصة بني إسرائيل الذين قالوا لنبي لهم: {ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله} فلما أخبرهم وقال لهم: {إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا} اعترضوا وقالوا: {أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال}[البقرة: 247] فرد عليهم نبيهم: {قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء}[البقرة: 247] فهل أنتم المالكون أم الله؟ فاعترف من اعترف، وأبى من أبى، ولكن هذا الاعتراف كان قولا وسكوتا فقط، فأمره الله تعالى بوساطة النبي أن يختبرهم بنهر فقال: {إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده}[البقرة: 249] لماذا؟ لكي يعرف الصادق في قوله الذي رضي به ملكا،من المنافق الذي أظهر القول فقط، ثم قال: {فشربوا منه إلا قليلا}[البقرة: 249] ، وعندما شربوا اسودت شفاههم فافتضحوا بفعلهم، إلا قليلا منهم وهم الذين امتثلوا لأوامره، ورضوا به ملكا قولا وفعلا!! حيث صدق قولهم فعلهم، واتبعوا أمره وأطاعوه.
صفحة ١٢