الاصطفاء سر الإبتلاء

Muhammad Qasim Daci ت. 1450 هجري
11

الاصطفاء سر الإبتلاء

تصانيف

فنظرنا إلى القول فإذا هو مملوء بالآيات والعبر، ولكنها لأولي الألباب، فقد ذكر الله تعالى سورة كاملة، هي سورة يوسف فقال تعالى: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}[يوسف: 111] أي لأصحاب العقول، ثم قال: {ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه}[يوسف: 111] فقد بينت هذه السورة قضية الاصطفاء حتى بين الإخوة، وحتى بين الرسل والأنبياء، قال تعالى: {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض}[الإسراء: 55] فما بالك بالآخرين؟ فهذا يوسف اصطفاه الله دون إخوته، فحسدوه وحصل ما حصل بسبب الاصطفاء {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث}[يوسف: 101] ولكن في الأخير اعترفوا له بالفضل، وكان هذا الاعتراف قولا {تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين} ثم حصل الاعتراف الفعلي وذلك حين سجدوا له {ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا}[يوسف: 100] ، وبقي الاعتراف القلبي وهو ما نسميه بالاعتقاد، وهو خاص بالله تعالى، فهو يتولى السرائر، ولو لم يحصل منهم الاعتراف قولا وفعلا لما غفر لله لهم، فعندما قالوا:{تالله لقد آثرك الله علينا}[يوسف: 90] قال

: {اليوم يغفر الله لكم}[يوسف: 92]، ولو لم يعترفوا لما غفر الله لهم مهما عملوا من الأعمال.

صفحة ١١