وهكذا يذكر الله لنا القصص ليبين أن القول لا ينفع وحده، وهو دعوى بلا دليل، فلابد من العمل، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان قول باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان)) كما أن الله تعالى إذا ذكر الإيمان ذكر العمل فما إن يقول: {الذين آمنوا} إلا ويأتي بعدها {وعملوا الصالحات}، ولذلك أمر الله بني إسرائيل بالدخول سجدا مع القول فقال تعالى: {وادخلوا الباب سجدا} أي متواضعين {وقولوا حطة}[الأعراف: 161] أي حط عنا الذنوب ، فلم يأمرهم بالقول فقط، بل قولا وفعلا.
فماذا نستفيد من الاعتراف لآل البيت بالفضل قولا فقط، ونحن لا نرى وجوب اتباعهم؟ بل نستغرب عندما نرى أحاديثا في فضلهم مع كثرتها وتواترها، ولم نفهم إلى الآن كيف يكون التمسك بهم؟
قال الإمام عبد الله بن حمزة
: ((وورود الحوض لا يكون إلا لأتباع آل محمد صلى الله عليه وسلم، وهم أشياعهم، ولايكون ذلك إلا بالاعتراف بفضلهم ومطابقتهم في قولهم واعتقادهم) انظر مقدمة تفسير المصابيح الساطعة (1/66).
إن قضية الاصطفاء أمر عظيم، لا يعرف عظمتها إلا المؤمنون الذين عرفوا معنى العبودية، وذبحوا الأنا، وتجردوا من الهوى، ولذلك يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه متبعا لما جئت به)).
إن الأمة إلى الآن لم تعرف حق آل البيت، ولا تريد أن تعرف إلا اسم أهل البيت، ولذلك يقول الإمام علي كرم الله وجهه (ص 400): (إن أمرنا صعب مستصعب لا يحمله إلا عبد مؤمن، امتحن الله قلبه للإيمان، ولا يعي حديثنا إلا صدور أمينة وأحلام رزينة).
صفحة ١٣