ولم لا؟ ألم يور القاضي الجرجاني من الأبيات التي استحسنها للبحتري هذه الأبيات:
بلونا ضرائب من قد نرى فما أن رأينا لفتح ضريبًا
هو المرء أبدت له الحادثات عزمًا وشيكًا، ورايا صليبًا
تنفل في خلقي سودد سماحًا مرجى وبأسًا مهيبًا
ولكنه لم يعلق عليها مبينًا سبب استحاسنه لها واستجادته إياها فأتي عبد القاهر الجرجاني، فيبين ذلك السبب؟ فلا يرجعه إلى صور بيانية أو بديعية، أو غيرهما مما هو راجع إلى الصنعه الخارجية وإنما يرجع إلى المعاني الناشئة عن النظم فيقول "وإذا قد عرفت ذلك فأعبد إلى ما تواصفوه بالحسن، وتشاهدوا له بالفضل، ثم جعلوه كذلك من أجل النظم خصوصًا دون غيره مما يستحسن له الشعر أو غير الشعر من معنى لطيف أو حكمه، أو أدب، أو استعاره أو تجنيس أو غير ذلك مما لا يدخل في النظم، وتأملهن فإذا رأيتك قد ارتحت واهتززت، واستحسنت، فانظر إلى حركات الإريحية مم كانت؟ وعندما ظهرت؟ فإنك ترى عيانًا أن الذي قلت لك كما قلت: أعمد إلى قول البحتري:
بلونًا ضرائب من قد نرى فما أن رأينا لفتح ضريبًا
ويتم الأبيات السابقة، ثم يقول: "فإذا رأيتها قد راقتك، وكثرت عندك، ووجدت لها اهتزازًا في نفسك، فعد فأنظر في السبب
1 / 32