وذلك كما في قول عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع:
لولا التطير بالخلاف، وأنهم ... قالوا: مريض لا يعود مريضًا
لقضيت نحبي في فنائك خدمة ... لأكون مندوبًا قضى مفروضًا
والخلاف، مخالفة العرف والعادة، والنحب: الأجل، والمندوب: اسم مفعول من الندب والتورية هنا في قوله: (مندوبًا) لأن هذا اللفظ له معنيان: قريب، وهو: السنون من السنة، وليس مرادًا وبعيد، وهو: المرثى، وهو المراد هنا، لأن المعنى: لأكون ميتًا مرئيًا قضى مفروضًا عليه وهو: الموت حزنًا على ذلك المريض.
والشاهد هنا في أن عدم إرادة المعنى القريب واضح لا يحتاج إلى تأمل.
بلاغة التورية:
قال ابن يعقوب المغربي (١) في قول الله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ - الأيدي: جمع يد، واليد لها معنيان قريب وهو الجارحة المعلومة، وبعيد، وهو: القدرة التي إطلاق اليد عليها مجاز، والمراد بها هنا: المعنى البعيد الذي هو القوة والقدرة، والقرينة: استحالة الجارحة على الله تعالى، وقد تقدم منه وجه خفائها فتكون تورية وإن كانت مجازًا، وقد قرنت
(١) شروح التلخيص جـ ٤ من ص ٣٢٤ - ص ٣٢٦.
1 / 205