فالتورية هنا قوله: (كراكي)، لأن معناها القريب: أنها جمع كركي - وهو طائر رمادي اللون يأوي إلى الماء، ومعناها البعيد: نوم العين، وهو المراد. وقوله: (يصيد) يلائم المعنى القريب، وقوله (العين) يلائم المعنى البعيد.
على أن التورية التي قرنت بما يلائم المعنى القريب، تسمى مهيأة. والتي قرنت بما يلائم المعنى البعيد، تسمى: مبينة والتورية ضربان: ضرب يستحكم حتى يصيد اعتقادًا، فلا يدرك عدم إرادة المعنى القريب ألا يتأمل وطور نظر.
كما في قول الشاعر:
حملناهم طرًا على الدهم بعدما ... خلعنا عليهم بالطعان ملابسًا
والتورية هنا في قوله (الدهم) ومعناها القريب: الفرس الأسود، ومعناه البعيد: القيد من الحديد، وهو المراد بقرينة ما ذكره من خلع الدماء عليهم بالطعان حتى صارت لهم كالملابس، إذ لا يصح بعد - هذا أن يكون المراد حملهم على الأفراس.
والضرب الثاني: لا يبلغ ذلك المبلغ، ولكنه شيء يجري في الخاطر، وأنت تعرف حاله، فلا يحتاج عدم إرادة المعنى القريب فيه إلى تأمل وطول نظر.
1 / 204