وذهب بعضهم الى أن الاسراء كان في ليلة والمعراج في ليلة متمسكا في بعض الأحاديث من ترك ذكر الاسراء، ورد بأنه محمول على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر، وتمسك أيضا بما رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 1/213: أنه كان عليه السلام يسأل ربه أن يريه الجنة والنار، فلما كانت ليلة السبت لسبع عشر من رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نائم في بيته أتاه ميكائيل وجبريل فقالا: انطلق الى ما سألت الله فانطلقا به الى ما بين المقام وزمزم فأتى بالمعراج فإذا هو أحسن شيء منظرا فعرجا به الى السموات. الحديث. وهذا قد ضعفوه بأبي بكر بن محمد بن أبي سبرة.
وذهب آخرون الى أن ذلك كله وقع مرتين، مرة في المنام توطئة وتمهيدا وتسهيلا عليه، كما كان بدء نبوته الرؤيا الصادقة ليسهل أمر النبوة ومرة ثانية في اليقظة، قالوا: وبذلك يجمع بين الأحاديث، ممن اختار هذا القول أبو نصر القشيري، وابن العربي والسهيلي.
وجوز بعض أصحاب هذا القول أن تكون القصة في المنام وقعت قبل البعث لأجل ما في رواية شريك، وذلك قبل أن يوحى اليه.
وقيل: إن الاسراء وقع مرتين: مرة على انفراده، ومرة مضموما اليه المعراج، وكلاهما في اليقظة، والمعراج أيضا وقع مرتين مرة وقع في المنام ومرة وقع على انفراده توطئة، ومرة في اليقظة مضموما اليه الاسراء.
وذهب الامام أبو شامة الى وقوع المعراج مرارا واستند الى حديث أنس الذي أخرجه البزار السابق.
قال شيخ الاسلام ابن حجر:
وتعدد مقل تلك القصة التي فيه لا تستبعد وإنما المستبعد وقوع التعدد الذي في قصة المعراج التي وقع فيها سؤاله عن كل مبي، وسؤال أهل كل باب وسماء: هل بعث اليه؟ وفرض الصلوات، وغير ذلك، فإن تعدد ذلك في اليقظة لا يتجه، ولا يبعد وقوع ذلك كله في المنام توطئة، ثم في اليقظة على وفقه.
قال شيخ الاسلام عزالدين بن عبدالسلام:
صفحة ٣٥