3 ويلحظ القرآن أهمية الماضي فيعرضه وحدة مترابطة بأحداثها وقوانينها مع الحاضر والمستقبل ، ويشكل العلاقة بين أوعية الزمن الحدثية الثلاثة، فيعرضها علاقة سبب وغاية وإيلاد وتأثير ، كما يلحظ الجانب النفسي عند الإنسان حينما يحدثه ويشوقه إلى الماضي ويكشف الستار عن ضمير الغيب ، فهو يخاطب في أعماق النفس الإنسانية حب الاستطلاع ، والتشوق لمعرفة الماضي المجهول ، فهو عندما يتحدث للإنسان ويرجع إلى ما قد مضى من وجودات الإنسان الغابر ، يستطيع وسط هذا الانفعال والتفاعل النفسي أن يترك الأثر في وعي الإنسان ومكامن النفس العميقة .
4 البراعة في تشكيل وحل العقدة القصصية ... والقرآن لم يقص على الإنسان قصصا من نسج الخيال ، ولم يكتب له رواية من إبداع الفنان والروائي الخصب التصور ، بل قص عليه أحداث الأمم ووقائع التاريخ وحياة الأنبياء ، كما تجسدت حقائق وصيغا متفاعلة مع عناصر التجسيد (الزمان والمكان) :
(وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين ). ( هود / 120 )
وحينما نتابع القرآن وهو يستهوي المتلقي وينقله إلى أجواء الحدث ومسارح القصة ، نرى الغموض وتلاشي إمكان حل العقدة القصصية في نفس المتلقي ، بل اليأس من إمكان الانتصار على الحدث والموقف الذي أصبح متوترا ومتأزما، ثم نراه يفاجئنا بالحل، ويأتي الحل خارج حدود المألوف التصوري في ذهن الإنسان ، نرى يد الغيب تتدخل سراعا قبل فوات الأوان ، وقدرة الله تتجلى لحسم الموقف وتوجيه الحادثة .
صفحة ٦