أي: تأوّلها منّا رجلٌ يتّقي على نَفْسه، فهو لا يتكلّم ولا يُبْدِي ذلك التَّأْوِيلُ خَوْفًا على نَفْسه من بني أُميَّة، وآخر يُعْرب، أي: يُبين ويُفصح بذلك التأويل ولا يُباليهم.
وقال آخر: (١)
فإنِّي لأكْنو عن قَدور بغيرها ... وأعْرِبُ أحيانًا بها فأصارحُ
* * *
١٤ - وقال أبو عبيد (٢) في حديث النّبي ﷺ، "مَنْ تَعلَّم القرآن ثم نَسِيَه لقيَ الله (٣) وهو أَجْذَم".
قال أبو عبيد: الأجذم، المَقْطوع اليد. يقال: جذمت يده، تجذم جذمًا، وجذمتها أنا. واحتجَّ بقول الشاعر: (٤)
وهل كنت إلَّا مثل قاطع كفّه ... بكفّ له أخرى فأصبح أَجْذَما
هذا قول أبي عبيد.
قال أبو محمد: وقد تدبّرت هذا التفسير فرأيته أتى فيه من قِبَل البيت الذي استشهده. وليس كلّ أجْذَم أقْطَع اليد، وإذا نحن حملنا الحديث على ما ذهب اليه، رأينا عُقوبة الذَّنْب لا تُشَاكل الذئب، لأنَّ اليد لا سبَبَ لها في نِسْيان القرآن. والعقوبات من الله ﷿ تكون
_________
(١) اللسان (ع/ ر/ ب) ٢/ ٧٨.
(٢) غريب الحديث ٣/ ٤٨، والحديث في: مسند ابن حنبل ٥/ ٢٨٤، ٣٢٣، ٣٢٨، والفائق ١/ ١٧٩، والغريبين ١/ ٣٣٥، والتهذيب ١١/ ١٧، وفتح الباري ٩/ ٨٦، والزاهر ٢/ ٣٠١، وأمالي المرتضى ١/ ٥ - ٩.
(٣) غريب الحديث: الله تعالى.
(٤) هو المتلمس، والبيت في اللسان (ج/ ذ/ م) ١٤/ ٣٥٤. والأصمعيات: ٦٤.
1 / 79