وإنّما سُمّي عثريًا، لأنَّهم يجعلون في مجرى السَّيْل عاثورًا (١)، فإذا صدمه الماء ترادّ فدخل في تلك المجاري وجوى حتى يبلغ النخل ويسقيه. ولا يكون عَثَريًّا إلّا هكذا. ويدلّك على ذلك قول عمر (٢): "ما كان عَثَريًّا تسقيه السّماء والأَنْهار، وما كان يُسْقَى من بَعْل ففيه العُشْر".
وأراد عمر بالأنهار، ما يُفْتَح إليه منها عن مجرى السَّيْل. [و] (٣) يدلّك على ذلك قولُ ابن عمر: "ما كان بَغلًا أو سُقي بالعين، أو كان عَثَريًّا يسْقَى بالمَطَر ففيه العُشْر"، وليس يختلف الناس في العَثريّ أنَّه العَذْي.
والنوعُ الآخر من العذْي:
البَعْلُ، فمن البعل ما يُفْتَح إليه الماء عن مجاري السّيل (٤) بغير عواثير. وفيه ما لا يبلغه الماء. فالسماء تسقيه بالمطر (٥).
وأمّا فرض رسول الله ﷺ فيما سَقَت السَّماء العُشْر، فإنَّه أراد العَثريّ، وما بلَغَه ماءُ السَّيْل من البَعْل. وكذلك فرض في البَعْل الذي لا يبلُغه ماء السَّيْل أيضًا.
وقولُ عُمَر (٦): "وما كان يُسْقَى من بَغل، ففيه العُشْر، يدلّك على أنَّه يسقى بماء السَّيْل. وفي بيت النَّابغة أيضًا، إنْ كان أراد البَعْل، كما ذكر ما دلَّ لأنَّه يقول:
_________
(١) العاثور: أشبه بالسدود الصغيرة، ينظر: التكملة ٤/ ١٠٣، والفائق ٢/ ٣٩٤.
(٢) النهاية ٣/ ١٨٢، واللسان، وينظر: الفائق ٢/ ٣٩٤.
(٣) زيادة من: ظ.
(٤) ظ: السيول.
(٥) ظ: المطر.
(٦) ينظر أول الحديث.
1 / 54