كتاب معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة
تصانيف
وقيل في تفسير قوله : [كمثل غيث أعجب الكفار نباته ] (¬2) يعني الزراع ؛ لأنهم يغطون البذر بالتراب ، ويقال : كفر فلان في السلاح إذا لبسه ؛ لأنه يتغطى به ، وقيل في تأويل حديث النبي عليه السلام : ( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ) (¬3) أن معناه متكفرين في السلاح ، تنزيها للصحابة من الكفر بعد الإسلام 0 المنافق :/ هو مشتق من النافقاء ، وهو جحر اليربوع ، يكون له بابان ، فإذا62أ أخذ عليه باب خرج ( من ) الباب الآخر ، وهو قريب من معنى النفاق ، لأنه يظهر الإسلام ، فإذا أحس الخوف من العدو ، أظهر الكفر ، وخرج عن الإسلام ، قال الله تعالى : [فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا ] (¬1) ، وقيل : سمي منافقا ؛ لأنه يدخل في الإسلام بقوله ، ويخرج منه بعقده ، وقيل : شبه المنافق باليربوع الذي هو في نافقائه الذي له بابان ، يدخل من واحد ، ويخرج من آخر ، وكذلك المنافق ، يدخل في الإسلام عند المسلمين ، ويخرج منه عند الكافرين، قال الله تعالى : [ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم ] (¬2) الآية ، والنفق هو الثقب تحت الأرض ، من قوله : [فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض ] (¬3) والمنافق على وزن مفاعل ، والمفاعل لا يكون إلا من اثنين ، إلا في أحرف ، مثل قوله تعالى : [ قاتلهم الله ] (¬4) أي قتلهم الله ، وعافاك الله ، معناه : أعفاك الله ، ومثل قولهم : شارفت : أي أشرفت ، وباعدت : يعني أبعدت ، وجاوزت : بمعنى جزت ، حكي هذه الأحرف في فاعلت بمعنى فعلت ، وإنما سمي / منافقا : مفاعلا لأنه قال بلسانه ، ولم يؤمن قلبه ، فكانت 62ب سبيلهم مع رسول الله هذه السبيل ، فقبلهم عليه السلام على ذلك ، وقد دله الله على ما في قلوبهم في قوله له : [إذا جاءك المنافقون] (¬5) إلى قوله : [لكاذبون] (¬6) فكان الفعل منهم قول باللسان ، خلاف ما في قلوبهم ، وقابلهم رسول الله بمثل فعلهم ، لأنه قبل ما قالوه ، ولم يكشف أمرهم ، وعلم بقلبه أن الأمر خلاف ما قالوه ، فسموا منافقين ، أي مفاعلين ، وكذلك معنى قوله تعالى : [يخادعون الله وهو خادعهم ] (¬1) ، [ ومكروا ومكر الله] (¬2) والله لا يخدع أحدا ، ولا يمكر به ، ولكن لما كان الفعل منهم نفاقا وخديعة ومكرا ، سمى مقابلتهم لفعلهم مثل ذلك الاسم ، وسماه مفاعلة ، ومثله قوله : [نسوا الله فنسيهم] (¬3) ، ولم يكن العرب في الجاهلية يعرفون اسم النفاق 0
الشرك : الشرك في اللغة مأخوذ من شركته في الأمر شركة ، أي عادلته وساويته ، والشركة في التجارة على وجوه : منه شركة عنان ، هو أن يشترك الرجلان في مال معلوم ، فيكون الربح بينهما نصفان ، ومعناه من عن يعن إذا عرض كأنه عن لهما شيء فاشتركا فيه ، وقيل : هو مأخوذ من 0000000000000000000 (¬4)
/ لحد أو ألحدت الرجل إلحادا ، وهو مأخوذ من العدو والانحراف ،64أ فكأن الملحد عدل عن التوحيد إلى الشرك ، وعن الإثبات إلى التعطيل ، وتحرف عن الإسلام ، ومال عن الحق إلى الباطل 0
الظلم : قال الأصمعي : الظلم وضع الشيء في غير موضعه ، يقال في المثل : من أشبه أباه فما ظلم (¬5) ، أي ما وضع الشبه في غير موضعه ، وأرض مظلومة أي حفر فيها حفر لم يحفر قبل ذلك ، وأول من قال أرض مظلومة النابغة ، حيث يقول : " من البسيط "
صفحة ١٥٠