وقال الله تعالى : [ بل الذين كفروا في عزة وشقاق ] (¬3) قال : معناه الأنفة والحمية ، ومعنى قوله : [ ذق إنك أنت العزيز الكريم ] (¬4) نزلت في أبي جهل ابن هشام ، لأنه حين أنزل الله : [ إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ] (¬5) الآية ، قال أبو جهل : أيوعدني محمد بهذا ، فوالله لأنا أعز من بين جبليها 0 تعزز بغير عز ، وتكرم بغير كرم ، عزة وحمية ، فالعزة من العبد الحمية والأنفة وهي مذمومة ، قال الله : [ أخذته العزة بالإثم ] (¬6) وهي لله مدحة وثناء ، وفي الحديث : ( يقول الله الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، والعزة لي ، لا لغيري ، فمن نازعني في شيء منها أدخلته جهنم خالدا فيها مصغرا قمئا ) (¬7) ، وقيل للملك عزيز ؛ لأنه قاهر لمن ناوأه من رعيته ، ممتنع من أن تناله يد أحد بظلم ، ممتنع من البروز ، محتجب عن الناس ، فهو لا يشاهد إلا قليلا ، والله عزيز أي غالب لمن ناوأه ، قاهر له ، ممتنع من أن يكيده كائد ، ممتنع من أن يدركه أحد بصفة أو وهم ، عز الخلق كله بالقهر والغلبة / وامتنع عن الكل ، قدير على ذلك تعالى 0 19 ب الجبار : ومن صفاته تعالى الجبار ، والجبار في اللغة هو النخل الذي قد طال ، وفات اليد (¬1) ، ويقال : نخلة جبارة إذا طالت ، فلم يقدر المتناول أعلاها ، وناقة جبار بلا هاء إذا عظمت وسمنت والجمع جبائر ، وفرس جبار إذا كان قويا مشرفا ، ويقال للملك جبار إذا تكبر على الناس ، واحتجب ، فلم يوصل إليه في ظلامة ، ولم يكلم هيبة له ، فكأنه سمى نفسه جبارا ؛ لأنه ارتفع عن أن يتناوله أحد ، أو يدركه أحد بحد أو صفة ، فلا يقدر مظلوم أن يدفع إليه ظلامته ، ويتظلم من ظالم في الدنيا ، بل أخر الحكم بين عباده إلى يوم الجزاء ، وقال قوم الجبار هو من جبر الخلق ، أي نعشهم وكفاهم ، يقال : جبر الخلق ، فهو جابر ، والجبار الفعال ، كما تقول غافر وغفار ، وقال قوم : الجبار من الإجبار ، أي أنه أجبر الخلق على ما أراد ، فلم يقدر أحد أن يخالف مشيئته ، أو يفوت قضاءه ، وهذا خطأ ؛ لأنه لا يقال : أفعل من فعال ، وقد قرئ شاذا:( أهدكم سبيل الرشاد) (¬2) مشدد فعال من أرشد 0 المتكبر : ومن صفاته تعالى المتكبر ، يقال : تكبر الرجل إذا أعلى نفسه وترفع ، والتكبر التعظم ، يقال : تكبر واستكبر ، كما يقال : تيقن واستيقن ، فيكون معناه تعظم ، وهو من الكبر ، والكبر العظمة ، ويقال لمعظم الشيء كبره بكسر الكاف ، قال الله تعالى : [ والذي تولى كبره منهم ] (¬1) ، وهو ذم للعبد ، ومدحة لله تعالى ، والكبر مأخوذ من الكبر/ ، وهو الامتناع وقلة الانقياد ، والصعوبة قال 20 أحميد (¬2) في صفة ناقة : " من الطويل "
عفت مثل ما يعفو الطليح فأصبحت بها كبرياء الصعب وهي ركوب (¬3)
والكبرياء والكبر واحد ، ويقال : الكبرياء الملك ، وقال مجاهد : [وتكون لكما الكبرياء في الأرض ] (¬4) إنه الملك ، فالكبرياء والكبر لله ، لأنه امتنع من الانقياد لخلقه في حكمه ، فتعظم وتكبر أن يتأوله أحد بصفة ، أو يدركه مخلوق بنعت ، بل أعلى نفسه عن ذلك ، والخلق كله منعوت موصوف غير ممتنع من النعت والصفة ، تبارك الله المتكبر 0
صفحة ٦٠