السلام : قال الله تعالى : [ السلام المؤمن ] (¬2) قال بعض أهل العلم : سمى الله نفسه سلاما لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء والموت والزوال والتغيير ، وقال بعض أهل اللغة : إن السلام بمعنى السلامة ، كما يقال الرضاع والرضاعة ، وقال الله تعالى : [ والله يدعو إلى دار السلام ] (¬3) فالسلام هو الله ، وداره الجنة ، ويجوز أن يكون سماها دار السلام لأن الصائر إليها يسلم فيها من كل ما يكون في الدنيا من الآفات كالمرض والموت والهرم ، وغير ذلك ، فلذلك قال : [ لهم دار السلام عند ربهم ] (¬4) ومنه يقال : السلام عليكم ، يراد اسم السلام عليكم / كما يقال اسم الله عليكم ، ويجوز أن يكون معناه السلامة عليكم ولكم ، 18 أ وقالوا في قوله : [ وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ] (¬1) ، سدادا من القول وصوابه ، فكأنه سمى السداد والصواب سلاما ؛ لأنه قد سلم من الكذب والغيبة والإثم ، والله تعالى وضع هذا الاسم بين عباده ليكون أمانا لهم فيما بينهم ، فإذا سلم أحدهم على الآخر فقد أعطاه الأمان ، كأنه يقول : سلمت مني أن أتناولك بقول أو فعل ، ومن ذلك قال النبي عليه السلام : ( المسلم من سلم الناس من يده ولسانه ) (¬2) ، والسلام السلامة ، قال لبيد (¬3) : ( مجزوء الكامل )
المرء يدعو للسلام وطول عيش قد يضره
يريد السلامة ، وقال تعالى : [ لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ] (¬4) أي سلمهم الله في الدنيا من آفاتها ، وسلموا في الآخرة من عذاب النار فسلموا في الدارين ، فلذلك كرر سلاما سلاما 0
المؤمن : ومن صفاته تعالى المؤمن ، وأصله من الأمان ، كأنه آمن عباده أن يظلمهم ، أي أعطاهم الأمان على ذلك ؛ لأنه العادل في حكمه، لا يظلم خلقه ، ولا يجور عليهم ، ويقال : آمن الأمير فلانا ، أي أعطاه الأمان ، فلا يخاف عاديته ، ولا يخشى سطوته ، فهو مؤمن له ، وهو على وزن افعل فهو مفعل ، والمفعول به قد أمن يأمن فهو آمن فعل يفعل فهو فاعل ، فالعباد آمنون أن يجور الله عليهم ، فالله يؤمنهم ، قال النابغة (¬5) : " من البسيط " ... ... ... ... ...
صفحة ٥٦