كتاب معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة
تصانيف
ولا تقصر عن تلك الدلالات ، وهي الدلالة / على الموات الجماد مثل الدلالة في الحيوان الناطق وقالت الحكماء : كل 84 أصامت ناطق ، وكل عجماء معربة من جهة البرهان ، وكل شيء دل على معنى اعتبرت بالنظر إليه ، واستدللت به ، فقد أوحى إليك ، وإن كان صامتا ، وأشار إليك ، وإن كان ساكتا وكلمك ، وإن كان غير ناطق ، ويعرف ذلك الحكيم العالم الثبت ، ويخفى على البليد الجاهل الغبي ، قال الله : [أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها] (¬1) الآية، فالاستدلال بهذه الأشياء وحي أيضا ؛ لمعرفة بعض الناس به دون بعض ، كما قال الحكيم الأول : سل الأرض فقل لها من حفر أنهارك ، وغرس أشجارك ، وأخرج ثمارك ، فإن لم تجبك حوارا أجابتك اعتبارا ، وللعرب مذهب ، وقد أكثرت العرب في ذلك ، وقالت فيه أشعارا كثيرة ، يستنطقون رسوم الديار ، ويستدلون بالموات ، ويكلمون البهائم على جهة الاعتبار ، وقال ذو الرمة : " من الطويل "
وقفت على ربع لمية ناقتي فما زلت أبكي بعده وأخاطبه (¬2)
وأسقيه حتى كاد مما أبثه تكلمني أحجاره وملاعبه
/ وقال ابن أحمر (¬3) : " من أحذ الكامل " ... ... ... ... ... ... 84ب
وعرفت من شرفات مسجدها حجرين طال عليهما الدهر
صفحة ١٨٩