وأما القول بأنه حدث من فكرة الله أو من شكه فباطل؛ لأن الشك والفكرة إنما يجوزان على من يجهل، ولأنه كان يجب في كل فكرة وشك مثله؛ لأن الشك والفكرة متماثل إذا اتحد متعلقه، ولأنه إذا حدث من فكرة يزدان لزم كون يزدان محدثا للشرور؛ لأن هذه الفكرة الرديئة من قبيل الشرور، وفي ذلك حصول الشرور من غير إهرمن.
وأما الكلام على الصابئين الذين زعموا أن للعالم صانعا واحدا لكنه خلق الأفلاك حية قادرة عالمة وجعلها آلهة عبدوها وعظموها وسموها الملائكة وجعلوا بيوت العبادات بعدة الأفلاك السبعة، وزعموا أن بيت الله الحرام هو بيت زحل وأنكروا الآخرة، ومنهم قائلون بالتناسخ، وزعموا أن لهم نبيئا وأنه على دين شيث.
فإنا نقول: الأفلاك جمادات سخرها الله بأمره ودبر حركتها بمشيئته وخلقها لمنافع العباد، وألطافا لهم، وقد ذكر الله تعالى من منافعها في القرآن العظيم أنها زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها وغير ذلك، وهي أجسام والجسم لا يقدر على إحداث جسم كما هو مقرر بدليله، والطبع غير معقول، إذ لا يعلم ضرورة ولا دليل عليه، (فثبت بذلك) الذي ذكرناه من الأدلة (أن الله واحد لا ثاني له).
صفحة ٥٥