مراده تعالى المصيب وأخطأه المخطئ، فهذا خارج من ذلك التقسيم.
وأورد على ذلك قوله تعالى: (ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين) [الأنبياء: 79] . وقوله تعالى: (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله) [الحشر: 5]، ولا حجة لهم في الآيتين على تصويب المجتهدين عند الاختلاف.
أما الآية الأولى فهي حجة لنا، لأنه لو كان داود عليه السلام وسليمان عليه السلام مصيبين معا لم يكن لتخصيص سليمان عليه السلام بالتفهيم فائدة، وقوله: (وكلا آتينا حكما وعلما) [الأنبياء: 79] احتراس من سوء توهم المتوهمين أن داود عليه السلام لم يكن ذا حكم وعلم على الإطلاق، لو اقتصر على قوله: (ففهمناها سليمان) [الأنبياء: 79]، كما في قوله تعالى: (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) [المائدة: 54] فإنه ربما توهم أن ذلك لضعفهم، وكقول كعب بن سعيد العنوي شعرا:
حليم إذا الحلم زين أهله مع الحلم في عين العدو مهيب فإنه لو اقتصر على وصفه بالحلم ربما توهم ذلك لضعفه.
وأما قوله تعالى: (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله) [الحشر: 5] فمعناها الإباحة فقط، لأنه سوى سبحانه بين القطع والترك، وأباح ذلك لكل من الفريقين، ولا يجوز مثل ذلك من
صفحة ٥٥