مدخل إلى القرآن الكريم عرض تاريخي وتحليل مقارن
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الخامسة (مزيدة ومحققة)
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
لهم (^١). إن الحكم الموضوعي يقر أننا لا نستطيع أن نلوم مثل هذا الموقف الدفاعي البحت المتفاني في السمو ولكن المسألة تتركز أساسا فيما إذا كان التشريع القرآني قد تطور فيما بعد ووسع مفهوم حق الدفاع عن النفس بحيث شمل كل مبادرة بالعدوان.
يبدو لنا أن معلومات العالم الغربي غير وافية في هذه النقطة: إذ يسود الإعتقاد أنه يحق للشعوب الإسلامية، بل وحتى طبقا لكتابهم المقدس - أن يستخدموا السلاح سواءا لفرض دينهم على الناس أو للقضاء على كل من لا يعتنقه، ويطلقون على ذلك «الحرب المقدسة» وهي عبارة يجعلونها تتوافق مع كلمه «جهاد» الواردة في القرآن الكريم. والحقيقة أن هذا التعبير النوعي الذي يقصد به «بذل الجهد» ليست له أية علاقة بالناحية العسكرية لأننا نجده أيضا في السور المكية: إما لبذل الجهد في الوعظ والدعوة، والجدال بالحسنى (^٢)، وإما لبذل الجهد الشخصي ذي الطابع الأخلاقي المحض (^٣). أما ما يعبر عن الحرب الحقيقية فهي كلمة «قتال».
القرآن يحدد الحرب الشرعية:
والرجوع إلى النص القرآني يوضح لنا الموضوع والهدف والحدود التي يستهدفها التشريع القرآني من وراء القتال، فيقول: ﴿وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: ١٩٠]، ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ﴾ [البقرة: ١٩٢ - ١٩٣]، ﴿فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا * سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا﴾
_________
(^١) وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ [النساء ٧٥].
(^٢) فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهادًا كَبِيرًا [الفرقان ٥٢].
(^٣) وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا [العنكبوت - آخرآية].
1 / 63