الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة الحسيني ت. 749 هجري
242

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

تصانيف

الفقه

قالوا: هو ماء أزيل به مانع من الصلاة، وهو الحدث والنجاسة، فانتقل المنع إليه كالماء المتنجس.

قلنا: هذا فاسد لأمرين:

أما أولا: فلأن هذا القياس باطل بالفرق، لأنا نقول: المعنى في الأصل أن الماء تغير بالنجاسة، والمستعمل لم يكن متغيرا بالاستعمال، فما هذا حاله من الفرق يبطل فيه الجمع ويلحق الجامع بالفساد والبطلان من جهة كون الفرق مخيلا والجامع أمر شبهي.

وأما ثانيا: فلأن هذا القياس معارض بمثله، فإنا نقول: شيء يؤدى به الفرض فلا يخرج عن حكمه بتأدية الفرض، كالثوب يصلى فيه مرارا فبطل ما توهموه، فإذا تقرر كونه طاهرا بما أوردنا من الأدلة وبإبطال ما جعلوه حجة لهم على نجاسته .

والمختار أيضا: كونه مطهرا كما قاله المؤيد بالله كما سبق تقريره من الأدلة ونزيد هاهنا حجتين:

الحجة الأولى: أنا نقول: إنه ماء طاهر لم يشبه شيء من النجاسات ولا ما يخرجه عن كونه ماء، فجاز التطهر به كالماء القراح.

فقولنا: ماء. نحترز به عن الخل واللبن [ونحوهما] فإنها غير مطهرة كما مر بيانه.

وقولنا: لم يشبه شيء من النجاسات. نحترز به عما غير أحد أوصافه أو كلها فإنه لا يجوز التطهر به.

وقولنا: ولا ما يخرجه عن كونه ماء، نحترز به عما خالطه شيء من المائعات الطاهرة فأزال عنه اسم الماء.

والحجة الثانية: هو أنا قد أوضحنا أن الماء القليل لا ينجس بوقوع النجاسة فيه إذا لم تكن مغيرة لأحد أوصافه، بالبراهين الشرعية الظاهرة، فإذا كان ما هذا حاله من الأمواء يكون طاهرا مطهرا، فهكذا ما كان الشائب له أمرا حكميا وهو الاستعمال يكون طاهرا مطهرا من جهة أن الشائب العيني أقوى وأظهر أمرا من الشائب الحكمي، فإذا كان لا يخرجه عن التطهير، فالمستعمل لا يخرجه الاستعمال عن التطهير أحق وأولى.

صفحة ٢٤٧