الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة الحسيني ت. 749 هجري
240

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

تصانيف

الفقه

المذهب الثاني: أنه غير مطهر لغيره، وهذا هو رأي أكثر العترة، الهادي والناصر والمنصور بالله، وهو محكي في رواية عن أبي حنيفة، ورواية عن مالك، والمشهور عن الشافعي، وبه قال الليث (¬1) وأحمد بن حنبل والأوزاعي.

والحجة [الأولى] على ذلك: ما روي عن النبي أنه قال: (( لا يتوضأ أحدكم بفضل وضوء المرأة))(¬2). وقد تقرر أنه لم يرد مانع في الإناء؛ لأن ذلك مطهر بالإجماع وليس مستعملا، وإنما يكون مستعملا إذا تساقط من أعضاء الوضوء، وقد نهي عنه، فدل ذلك على أنه غير مطهر. وفي حديث آخر: (( لايتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة، ولا المرأة بفضل وضوء الرجل))(¬3). وكل ذلك دال على المنع من التطهر والوضوء بالماء المستعمل في قربة من فرض أونفل.

الحجة الثانية: هو أن المعلوم من عادة الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وتابعيهم إلى يومنا هذا، [أنهم] كانوا يسافرون ويعدمون الماء فيعدلون إلى التيمم بعد عدمه، وما روي عن أحد منهم أنه توضأ بالماء المستعمل، فلو كان جائزا لفعل على قلة الأمواء وضيقها في الأسفار.

الحجة الثالثة: ما روي عن عمر أنه كان له مولى يقال له: أسلم (¬4) كان يأكل الصدقة، فقال له عمر: تأكل غسالة أوساخ الناس؟ أرأيت لو توضأ إنسان بماء أكنت شاربه؟ فكره شربه، فلو كان استعماله جائزا لما كره شربه، فهذا تقرير كلام الفريقين كما ترى.

صفحة ٢٤٥