ارتباط الآيات في سورة البقرة - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد أجمل الإصلاحي
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
في قوله: ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ = اقتضى الحال أن يفصل أيضًا نعيم
المؤمنين الذي أجمل بقوله في أول السورة: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، ففصله في آية (٢٥)، وذكر فيها ثمر الجنة وتشابهه والأزواج المطهرة؛ ليرتبط بما بعده من قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ...﴾ [آيتي: ٢٦ - ٢٧]؛ [٣/ب] فإن الثمرة وتشابهها، والأزواج وطهارتها، يصدق عليهما أنهما مثل لنعيم الجنة.
قال تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا﴾ [الرعد: ٣٥].
وقال تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى﴾ [محمد: ١٥].
هذا مع أن قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا﴾ موجه بالذات إلى إنكار المنافقين المثلين المتقدمين فيهم في أول السورة ــ كما جاء عن ابن مسعود وجماعة من الصحابة (^١) ــ ولكن لم يكتف بهذا الربط لما قدمنا.
وعبر في آية (٢٦) بقوله: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ولم يقل: (نافقوا)، وإن كان السياق يبين أنهم المراد؛ لأمرين:
الأول: الإشارة إلى أن الكفار المصرحين قد يشاركون المنافقين في ذلك.
_________
(^١) انظر: "تفسير الطبري" (شاكر ١/ ٣٩٨).
7 / 142