الصراع الفكري في البلاد المستعمرة
الناشر
دار الفكر الجزائر / دار الفكر دمشق
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٨ هـ = ١٩٨٨ م / ط ١ القاهرة ١٩٦٠ م
مكان النشر
سورية
تصانيف
التركيب، وأساس نجاحه في هذه المهمة هو ما تتضمنه نفسية الشعوب عامة، من ميل طبيعي نحو (السهولة) والأشياء المسهلة.
فحينما تخطط السياسة طبقًا لمبدأ السهولة، فإنها سوف تجتذب إلى تيارها كثيرًا من الناس ذوي النوايا الطيبة، الذين يقدرون الأشياء بناء على سهولات الحاضر، لا على صعوبات المستقبل.
وإذا ما قدرنا أنه يضاف شيء من الإغراء إلى هذه الجاذبية الطبيعية، فإننا سوف نتصور حتمية الانزلاق إلى وحل السهولات المغرية. وهذا الشيء موجود بالفعل، إذ أن طريق السهولة تؤدي حتمًا إلى سياسة هضمية تلبي وتغذي الشهوات. فهو موجود من بين الشعارات الرائجة في الأسواق السياسية، وإن كلمات مثل الاستعمار والامبريالية والوطنية، تليق جدًا لتشحيم المنحدر حتى يكون الانزلاق عليه نحو السهولة ميسورًا جدًا.
وقد رأينا في مؤتمر باندونج، كيف تستخدم كلمات (شيوعية) و(استعمار)، وقد استخدمها فعلًا بعض الدجالين في خطة تشحيم محكمة، كي يخرجوا المؤتمر من طريق البناء وينزلقوا به للتهافت والصخب.
وهذا كله في سجية الإنسان في ميوله الطبيعية. وقد تعد برامج الثقافة في البلاد المتقدمة من أجل مقاومة هذه الأسباب النفسية حتى لا ينتج عنها انحرافٌ ما في حياة المجتمع.
غير أن الاستعمار يستغل هذه الاستعدادات ويقرن أسبابها النفسية بخطط تربوية مناسبة في البلاد المستعمَرة، لأنها ليس لديها في ثقافتها الموروثة عن عهد انحطاط؛ ما يقاوم أسباب الانحراف في نفسية شعوبها، فيصل إلى أن يضع بتلك الاستعدادات سياسة (عاطفية- شهوانية) تتفق مع مصالحه. فهو يضعها حينما يربط عواطف الشعب الطيبة بشهوات (مركب أفراد) معين.
1 / 27