الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف

الأمير الصنعاني ت. 1182 هجري
58

الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف

محقق

عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

الناشر

عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة النبوية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢١هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

قوله: "قال شيخ الإسلام أحمد بن علي: ما يقع من العامة من قولهم عند الشدائد: يا شيخ فلان.. إلى قوله: فأجاب بأنَّ الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء والعلماء والصالحين جائزة وعلله بأنَّ معجزات الأنبياء وكرامة الأولياء لا تنقطع بموتهم"١. أقول: هذا الكلام كما يقال: لحم جمل غث على جبل وعر لا سمينٌ فينتقى ولا سهلٌ فيرتقى. أما قوله: "المعجزات لا تنقطع بالموت بمعنى أنَّ الله يحدثها للنبي ﵇ بعد موته فقد عرفت أنَّ المعجزة من شرطها مقارنة التحدي عند دعوى النبوة٢ والميت لا يدعي النبوة ولا يتحدى باتفاق العقلاء وكتبِ الله ورسله، قال عيسى ﵇ ﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ﴾ ٣ وقال تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِين مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ ٤ فأيُّ دعوى للنبوة بعد الموت، وأيُّ تحدي، وأيُّ معجزة، ثمَّ هذه الاستغاثة معلوم يقينًا أنَّها بدعة٥، فلم يعلم أنَّه ﵌ استغاث برسول من أولي العزم ولا غيرهم عند الشدائد التي لاقاها؛ بل كان أعظم ما لاقاه منها يوم الطائف فكان دعاؤه

١ انظر الفتاوى الكبرى الفقهية لأحمد بن علي الهيتمي (٢/٢٤) . ٢ وتقدم التنبيه على أنَّ هذا الاشتراط لا دليل عليه، لكن يبقى على المدعِّي أنَّ الكرامة لا تنقطع بموت الأنبياء أو الأولياء ذكرُ الدليل على دعواه ثم مع ذلك فيقال: ما صلة ثبوت الكرامة لهم بعد موتهم بجواز الاستغاثة بهم ودعائهم مع الله؟!. ٣ سورة المائدة، الآية ١١٧. ٤ سورة آل عمران، الآية ١٤٤. ٥ بل شرك بالله العظيم.

1 / 90