الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف
محقق
عبد الفتاح أبو غدة
الناشر
دار النفائس
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠٤
مكان النشر
بيروت
وَوجدت بَعضهم يزْعم أَن هُنَاكَ فرْقَتَيْن لَا ثَالِث لَهما الظَّاهِرِيَّة وَأهل الرَّأْي وَأَن كل من قَاس واستنبط فَهُوَ من أهل الرَّأْي كلا بل لَيْسَ المُرَاد بِالرَّأْيِ نفس الْفَهم وَالْعقل فان ذَلِك لَا يَنْفَكّ من أحد من الْعلمَاء وَلَا الرَّأْي الَّذِي يعْتَمد على سنة أصلا فَإِنَّهُ لَا يَنْتَحِلهُ مُسلم الْبَتَّةَ وَلَا الْقُدْرَة على الاستنباط وَالْقِيَاس فان أَحْمد وَإِسْحَق بل الشَّافِعِي أَيْضا لَيْسُوا من أهل الرَّأْي بالِاتِّفَاقِ وهم يستنبطون ويقيسون بل المُرَاد من أهل الرَّأْي قوم توجهوا بعد الْمسَائِل الْمجمع عَلَيْهَا بَين الْمُسلمين أَو بَين جمهورهم إِلَى التَّخْرِيج على أصل رجل من الْمُتَقَدِّمين وَكَانَ أَكثر أَمرهم حمل النظير على النظير وَالرَّدّ إِلَى أصل من الْأُصُول دون تتبع الْأَحَادِيث والْآثَار والظاهري من لَا يَقُول بِالْقِيَاسِ وَلَا بآثار الصَّحَابَة كداود وَابْن حزم وَبَينهمَا الْمُحَقِّقُونَ من أهل السّنة كأحمد وَإِسْحَق
٢ - وَمِنْهَا أَنهم اطمأنوا بالتقليد ودب التَّقْلِيد فِي صُدُورهمْ دَبِيب النَّمْل وهم لَا يَشْعُرُونَ وَكَانَ سَبَب ذَلِك تزاحم الْفُقَهَاء وتجادلهم فِيمَا بَينهم فانهم لما وَقعت فيهم الْمُزَاحمَة فِي الْفَتْوَى كَانَ كل من أفتى بِشَيْء نوقض فِي فتواه ورد عَلَيْهِ فَلم يَنْقَطِع الْكَلَام إِلَّا بالمصير إِلَى تَصْرِيح رجل من الْمُتَقَدِّمين فِي الْمَسْأَلَة
1 / 93