قال: «أراه يحب التقرب منكم فوق القرابة التي ذكرتها.»
فضحك طهماز، وكان خادم المقهى قد أتاهما بالقهوة، فتناول الفنجان ونهل منه نهلة وقال: «يظهر أنه يطمع في شيرين، ولكنني لا أزوجها لرجل لا عمل له.»
فمد صائب يده إلى جيبه وأخرج علبة للسجائر مذهبة، وأخذ منها سيكارة مذهبة من أحد طرفيها ودفعها إلى طهماز وهو يقول: «إن شيرين تستحق رجلا نبيلا، فإنها والحق يقال كاملة الأوصاف.»
فتناول طهماز السيكارة بكف كالمدراة، وقال وهو يشعلها من عود قدمه له صائب بك: «وأنت كامل الأوصاف يا صائب بك»، وضحك.
فتنصل صائب بك من مغزى هذا التعريض وقال: «إني أجل الفتاة، وأراها تستحق من هو أحسن مني.»
فقال طهماز: «إنها لا تطمع في أحسن منك يا سيدي .»
فأجابه صائب بك: «كل شيء نصيب.» وأظهر أنه يريد تغيير الحديث تواضعا فقال: «قد أرسلت تلغرافا إلى صديقي عزت باشا أطلب منه رتبة تليق بشأنك، وإذا رأيت رامزا يرضى خدمتي فإني أوصي به ليحصل على منصب.»
فأعجب طهماز بأريحية صائب وقال: «سأخاطبه في ذلك لعله يرضى، وهو مدعو عندنا للغداء، تعال لنتغدى معا.» فقبل صائب الدعوة شاكرا.
بين شيرين وصائب
باتت شيرين تلك الليلة ونفسها تحدثها بشر تتوقعه. وكذلك شأن المرأة، فإنها كثيرا ما يدلها شعورها على أمور لا يدركها الرجل إلا بإعمال الفكر والقياس العقلي، أما هي فتشعر وتحكم بناء على شعورها بلا برهان، ويصدق حكمها في أكثر الأحيان.
صفحة غير معروفة