ورثة الأنبياء شرح حديث أبي الدرداء
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
وسنذكر فيما بعد النصوص الدالة على فضل العلم على أنواع العبادات من الذكر وغيره -إن شاء الله تعالى.
وكان زيد بن أسلم من جلة علماء المدينة، وكان له مجلس في المسجد يذكر فيه التفسير والحديث والفقه وغير ذلك، فجاء إليه رجل فقال له: إني رأيت بعض أهل السماء وهو يقول لأهل هذا المجلس: "هَؤلاَءِ فِي رَوْضَاتِ الجَنَّاتِ آمِنُونَ ثُمَّ أَرَاهُ أَنْزَلَ عَلَى أَهْلِ المَجْلِسِ حُوتًا طَرِيًّا وَوَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَجَاءَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِي ﷺ وأبا بكر وعمر- ﵄ خرجوا من هذا الباب والنبي ﷺ يقول: "انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى زَيدٍ نُجَالِسُهُ وَنَسْمَعُ مِنْ حَدِيثِهِ. فجاء النبيُّ ﷺ حتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِكَ فَأَخَذَ بِيَدِكَ، فَلَمْ يَبْقَ زَيدٌ بَعْدَ هذِهِ الرُّؤيَا إِلاَّ قَلِيلًا حَتَّى مَاتَ رحمه الله تعالى".
ومع ما ذكرنا من تفضيل العلم على القصص؛ فالعالم لا يستغني أحيانًا عن موعظة الناس والقصص عليهم، وإزالة القسوة عن قلوبهم، بالتذكير بالله وأيامه، فإن القرآن يشتمل على ذلك كله، والفقيه العالم حقًّا هو من فهم كتاب الله واتبع ما فيه.
كما قال علي ﵁: "الفَقِيهُ حق الفقيه مَنْ لاَ يُقَنَّطِ النَّاس مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَلاَ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي مَعَاصي اللهِ، وَلاَ يَدَعُ القُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ" (١).
وقد كان النبي ﷺ يَتَخَوَّلُ أَصْحَابَهُ بِالْمَوْعِظَةِ أَحْيَانًا؛ خشية السَّآمَةِ عَلَيْهِمْ" (٢).
قوله ﷺ: "وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضًى بِمَا يَصْنَعُ"
_________
(١) أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (٢/ ١٦١)، والآجري في "أخلاق العلماء" (٤٩، ٥٠).
(٢) أخرجه البخاري (٦٨)، ومسلم (٢٨٢١).
1 / 25